في حوار مع أحد المزراعين في منطقة من مناطق الشمال الجميل ، وهو من يزرع " البطاطس " كان يشتكي من " التسويق " الزراعي ، وحين طرح سؤال مباشر عليه عن أن المنتجات الزراعية هي بمجملها بأسعار مقبولة ومتوسطة لا مبالغة بها رغم أن الدعم الحكومي شبه توقف ، ورد عليّ صاحبي بحنق شديد وقال هل تعلم أن " تريلا " من البطاطس يتم شحنها من الشمال إلى الرياض وبسوق " الجملة " لكي أبيع " كيس " البطاطس بسعر 3 ريالات لوزن 5 كيلو تقريبا . وكانت المعلومة صدمة كبيرة لدي فسعر 3 ريالات لوزن 5 كيلو يعني سعر الكيلو للبيع بالجملة يقارب 0.60 هللة ؟؟ وطرحت عليه السؤال :ماذا يغطي لديك هذا السعر وهل تربح ؟ طبعا كانت إجابته مباشرة عن أي ربح تتحدث ؟ فهل هي تساوي قيمة نقل من الشمال للرياض ؟ أو عمال المزرعة ؟ أو الأسمدة ؟ أو التعبئة ؟ وأضيف هنا الماء ؟ كم قيمة الماء والذي يستغرق ما يقارب 3-4 أشهر زراعة . ماذا يحدث بالقطاع الزراعي ومنتجاته ؟ وحين بحثت شخصيا وجدت أيضا أن " كيسا كاملا " لا يقل وزنة عن 8 كيلوغرامات إلى 10 يباع بسعر 2 ريال ( ريالين ) وهذا لمن يريد التأكد عليه التوجه لأسواق الجملة في جنوبالرياض " عتيقة " و أيضا " العزيزية " سيشاهد المواطن كما هائلا من المنتجات الزراعية رخيصة جدا وأثق أن أصنفها الأرخص عالميا ؟ وحين تعلم أن المطاعم للوجبات السريعة تبيع البطاطس المقلية بسعر 5 ريالات بعلبة كرتونية بالكاد تكفي الطفل سندرك ماذا يحدث لدينا . السؤال هنا ، لماذا حقوق المزراع مهدرة بدون أي قيمة لما يتم زراعته هذا مع التسليم أن الزراعة لدينا موافق عليها وأنها أمن غذائي بما لا يؤثر على الأمن المائي ، من يحمي حقوق المزارعين الذين لا يحققون أي أرباح أو قيمة مضافة لهم إلا سيطرة الوسطاء بالسوق أو ما يسمون " بالشريطية " لأن الشراء وفق هذه الأسعار وإعادة بيعها بأسعار مضاعفة لا يخدم إلا ثلاثة أطراف هو الوسيط وبائع المنتجات الزراعية وهو المشتري والمشتري الأخير وهم أصحاب المطاعم ومن في حكمهم ، والخاسر هنا طرفان هو المزارع والمستهلك النهائي ، فالمزارع لا يغطي تكلفته ويضطر يستمر يزرع حتى لا تبور أرضه في ظل وقف زراعة القمح وفي النهاية يتوقف ، وأيضا المتضرر المستهلك النهائي الذي يشتري سلعة تضاعف سعرها لمجرد مزايدة سعرية لا تمثل قيمتها الحقيقية ، لماذا يحدث هذا الهدر الزراعي الذي أكده رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعي المهندس عبدالله بن سليمان الربيعان وذكر أن معدل الهدر اليومي هو 40 طنا من الخضار والفاكهة يتم يوميا في سوق " عتيقة " بالرياض ؟؟ ولنا أن نقيس مستوى هذا الهدر على مستوى المملكة ككل ؟؟ كم طنا تهدر يوميا في بلاد صحراوية تحتاج كل قطرة ماء ؟؟ لا نجد أي حراك حقيقي وملموس لوقف هذا الهدر الزراعي للمنتجات ولا حماية للمزارع ولا للمياه ولا أسعار مقبولة تباع للمستهلك ،يجب أن يكون هناك وقفة واضحة من وزارة الزراعة بأن تقوم بإنشاء شركة زراعية يدعمها صندوق الاستثمارات العامة وأن تتولى ضبط هذه السوق والمزارع ، فكم من المليارات تضيع سنويا حين نضيف قيمة الماء لها ، ومن يقدر الحاجة الغذائية للسوق ؟. سوق مفتوحة عبثية لا حراك بها وهي مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى .