عندما يبدو الأفق مسدوداً أمامك.. مغلقاً برمته، يصبح الحديث مرتكزاً في داخلك عن كيفية فتح نفق داخل هذا الأفق! يصبح الخيار الوحيد أمامك فتح هذا الانغلاق، أو حتى محاولة التفكير في اجتياز هذا النفق المسدود، لأن التفكير يعني معايشة إحساس ما سيؤول إليه الأمر مستقبلا! في لحظة لا تتذكرها أغلقت كل المسارات أمامك، رغم أنها كانت جميعها مفتوحة! حاصرك إحساس معها بمرارة اللحظة! حملت الصورة قتامتها وكأنها هي الأصل لاستقرارها فجأة بكل ملامح الرتابة والملل والوجه الداكن! عقم تفاصيل اللحظة أصبح طاغياً! تحولت من دفة الانطلاق، إلى دفة الانغلاق، والأمل المسدود! اعتقادك الخاطئ لم يعد قائماً! تفكيرك العام في استمرارية عرض اللوحة تغير! إحساس الفوز المستمر في الوقت ذاته وحتى خارج الوقت يبدو أنه أصبح في حكم المنتهي! كل الفصول التي طبعت لحظاتها كما شئت، أو كما تخيلت، يبدو من العبث معاودة الوصول إليها! لم تعد مسترخياً ومستمتعاً بما كان! ولم تعد متأمناً على حملك للحظة طال أمد جمالها! ولم يعد المدى المفتوح يغازلك لتتقدم بثقة داخل جنباته! ثمة لحظة في الحياة قليلاً ما نستعد لها! وثمة أزمنة مخبأة نادراً ما نفكر فيها! وثمة لحظات تخصنا، لم تعثر علينا حتى اللحظة! وثمة أزمنة نختص بها غابت عنا ربما للهروب المتواصل منها أو لعدم الرغبة في التفكير فيها! ولذلك عندما تصل إلينا نعجز عن استقبالها، أو حتى احتضانها رغم أنها جزء أساسي من منظومة أيامنا! السماء من فوقك والفراغ داخلك واللحظة القاسية، والمعتمة، والأفق المسدود حولك فإلى أين أنت ذاهب؟ هل وصلت إلى نهاية المطاف؟ هل غادرت أحلامك التي طالما تدثرت بها، واستدنت زمناً غير زمنك لتعيش داخلها؟ هل عليك أن تستبدل كل ذلك؟ لكن بماذا؟ كارثة حصاد الأفق المسدود، لا يمكن أن تحل إلا عن طريقك أنت! ولا يمكن أن يكسر أقفالها غيرك! ولا يمكن لشخص آخر أن يتسلل داخلك ليبحث معك تفاصيل ما يجري في شرايينك! تعودت أن لا تشتكي من الضربات إلا إذا غمرتك الدماء! لكن لمن؟ لنفسك لتستطيع أن تعود أكثر قوة! ما أكثر هزائم الحياة! ما أكثر ما تمنحه لنا من عنف فجأة! وما أكثر ما فتتت داخلنا، وعصفت بقوة! وما أكثر المدن التي نسفتها بعد أن عُمرت وأصبحت مأهولة بسكانها لكن هل هذه النهاية؟ هل هذا هو نهاية المطاف؟ هل هذا هو التحدي الوحيد الذي نزل على رأسك؟ هل هذا هو الأفق الوحيد المسدود؟ بلا شك هناك أفق مسدود في كل زمان، وفي كل مكان، وفي كل مداخلة حياة مع الآخر؟ لكن هل علينا أن نتوقف أمامه!!! ربما لا!!!