مرة أخرى لكن برؤية مختلفة. ماذا يمثل التعدد الكبير لوجود الصحافة المرئية والأخرى القنوات الفضائية..؟ من ناحية المبدأ.. من شأن كل إنسان أن يملك حرية التعبير عن رأيه.. الإعلان عن موقفه.. طرح مرئياته فيما يتعلق بشؤون عامة.. لكن أين ومع من..؟ المواطن في الدول المتقدمة مثل بريطانيا وكندا على سبيل المثال يفشل من يحاول أن يغرر به عبر معلومات مغلوطة بل ويتعذر أن يوجد من يقوم بهذه الممارسة ليس فقط لأن «الشيخ العلامة» في هذه المجتمعات هو عالم حقيقي قد أتت به الدكتوراه وفوقها الدراسات الأكاديمية، لكن لأن الوعي العام يتعذر فيه وجود مستنسخ بشري قديم يداهم ثقافات العصر بمرئيات يرفضها من يحملون فعلاً لقب «علاَّمة» وترفع شأنهم مستوياتهم الدراسية العلمية وأيضاً - وهذا مهم - لأن المجتمع الواعي يغلق كل منفذ لهذا التهور ويتجه في عموميته نحو إنتاج الأفضل.. الأمر لا يتوقف عند هذا الحد.. لكن على مستوى المفاهيم الاجتماعية، مجالات مشاريع التطوير، تباين مفاهيم الوعي، سهولة اندلاع الخصومات، تشهيراً أو بحثاً عن شهرة فتتأثر بذلك مسارات الوعي ويتم توجيهه نحو مفاهيم خاطئة.. إن هذا الخلط الذي توجهه مباشرات غير واعية من شأنه أن يعطل نمو المجتمع وتطويره، ثم هو في انغلاقه الديني يوفر مناخات توسع الانغلاق، وبالتالي ممارسات الجرائم باسم الدين.. مثلاً موضوع الاختلاط المشروع وليس المتفسخ، لم يقل بمشروعيته قرار إلزامي من الدولة ولا فرض من فئات مجتمع محدودة، ولكنه أتى بفعل عدد من الرؤى المدعومة بالإسناد التوثيقي.. أتى من ذوي صفات «علاّمة» لكن باستحقاق فقهي.. على أن من يقرأ كتاب البحث الرصين والمدعوم بالوثائق «الأبراج المشيدة» يجد أن نظام القاعدة ما كان له أن يقوم ثم ينتشر ثم يباشر جرائم قتل المسلمين قبل غيرهم لولا ذلك المناخ الانغلاقي البدائي المفاهيم الذي ولد في أفغانستان وجهز ذهنية المعلومات لأسامة بن لادن ليكون مروجاً وراعياً لذلك الانحدار الفقهي المأزوم بعدم قدرته على استيعاب موضوعيات المفاهيم الدينية الراقية.. نحمد الله ونحن المبشرين بمجد اقتصادي وتقني هائل بأن لدينا دولة قادرة على حماية أمن المجتمع وحماية معتقدات الدين.