كان بإمكان مسئولي النادي الأهلي التعذر عن خسارة المباراة النهائية في مسابقة كأس ولي العهد بأنها أقيمت بعيدا عن جماهيرهم، أو أنهم اضطروا إلى لعب جميع المباريات خارج أرضهم، أو حتى القول إن الحكم السويسري كان (يسولف) مع لاعبي الهلال، لكنهم لم يختاروا أعذارًا بالية مثل هذه، بل باركوا للهلال البطولة واعتبروا أن فريقهم الذي تقدم في الشوط الأول كان في قمة نحسه وان هذه كرة القدم لا بد لها من فائز وخاسر، هذا التناول الإعلامي هو السر في لقب (الراقي) المتداول جماهيريا، وهذا الرقيّ ليس شعارا مصطنعا بل هو أسلوب تعامل يعبر به الأهلاويون عن بعد كبير من الوعي بأن فريقهم في طور البناء وان مستواه يتطور باستمرار وبقدر من الصراحة لا يخدعون فيها جماهيرهم أو يحاولون تزييف الحقائق أو إعادة تركيبها بطريقة بعيدة عن المفهوم السامي للمنافسة الرياضية. ولا أجد غرابة في ذلك، فالأهلي الذي يحظى بعناية كريمة من العضو الشرفي الكبير سمو الأمير خالد بن عبدالله له تقاليده التي استمدها من خصال أعضاء شرفه وهي خصال تنبئ عن تواضع وصبر وكرم وشهامة، بل انه يندر أن تجد من يقول إن الأهلي قد أساء التعامل في قضية من القضايا الرياضية أو انه خرج عن النص أو انه استعمل أساليب أو عبارات لا تتفق مع الأخلاق الرياضية، وهو أمر يعود لتقاليد أهلاوية عريقة بنتها التجارب وأثبتتها المحن، وهذه التقاليد وجدت لها صدى في طريقة البناء التي لا شك ستثمر بشكل يؤكد فيه الأهلي ريادته عبر عنوان واضح هو أكاديمية النادي الأهلي ومركز الأمير عبدالله الفيصل لقطاع الشباب والناشئين. كلاكيت (50 مرة) عن هؤلاء الزعماء الذين احتفلوا ببطولتهم الرسمية رقم (50) يتبخر الكلام ويصعب الحديث، فالمتعة أصبحت عنوانا للشياطين الزرق جن الملاعب، وتكرار التفوق هو العنوان الهلالي الحالي حيث لا يوجد عناوين أخرى إلا ما نراه في الملعب أو نشاهده على الشاشة، والفوز الهلالي يعيد سيرة البداية التي أسس لحظتها شيخ كبير المقام ناديا صغيرا في حارة من حارات مدينة الرياض، كان الشيخ ساعتها يصنع التاريخ ويسجل الحلم الذي بات عنوانا لا يخطئ المكان ولا الزمان، ومن شاهد توالي الانجازات الهلالية واحدا بعد الآخر مع اختلاف الإدارات والمدربين والمشرفين واللاعبين بات يدرك أن المجد عنوان الهلال وان العز معدنه، وان للتفوق شروطه وأسسه وأركانه التي تواجدت تماما في البيت الأزرق. هناك من يغضبه بالطبع فوز الهلال، ولهؤلاء ممن لا توجد لديهم ذائقة كروية، لا ندعو لهم إلا بأن يصيبهم ما أصاب الهلال من عز وسؤدد، وان يخرجوا من أزماتهم المتلاحقة ونكساتهم المتتالية واتهاماتهم البالية وخداعهم لجماهيرهم المسكينة بشكل يعيدون فيه تألقهم دون محاولة (التلزق) بالهلال، وهذا فيما يبدو احد اكبر إشكالاتهم.