تبذل وزارة العمل جهوداً كبيرة لترجمة الاهتمام الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده لحقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالبشر، فتلك الممارسات تتنافى مع التشريعات والقيم والمثل الأصيلة في المملكة العربية السعودية، التي لا تألو جهداً للقضاء على هذه الظاهرة انطلاقاً من مبادئها وقيمها الراسخة المستمدة من الشريعة الإسلامية التي تعد مصدر التشريع الأساسي في المملكة، وتحرم تحريماً قاطعاً لا لبس فيه الاتجار بالإنسان، أو التعرض له بالضرر، تحت أي ظرف أو مسمى. وحول بعض التساؤلات التي وردت الى الوزارة من بعض وسائل الإعلام، والصحف المحلية عن تقارير عن جمعيات تجهل الواقع وتتحدث عن وقوع بعض الأخطاء والتجاوزات في حق العمالة الأجنبية، وتجهل أيضاً ما تفرضه قرارات وأنظمة محلية تحترمها مواثيق العمل العالمية، بل والعلاقات الدولية، فيما يتعلق بخصوصية المكان، وتنأى بنفسها عن معرفة الحقائق من مصادرها، وتدعو الوزارة الجميع للاطلاع على القوانين والواقع الفعلي لسوق العمل في المملكة، ورغم ذلك لا يمكن لمنصف أن ينكر بعض التجاوزات التي تحدث من بعض أصحاب العمل، وكذلك العاملين، ولا ننكر أيضاً بعض المشكلات العالقة بين الطرفين - فالمملكة تحتضن أكثر من ثمانية ملايين عامل - والعالم كله يشهد هذه النزاعات، التي ربما تكون أشد قسوة، فلا توجد مثالية مطلقة في أي مكان، ولكن العبرة ليست في وجود المشكلات والنزاعات وغير ذلك، بل العبرة بالقوانين التي تحفظ الحقوق، وتطبيقها دون مواربة، أو تمييز، وأيضاً يجب علينا أن نحترم الآراء التي تختلف ونختلف معها، وعلينا أيضاً أن نضع الأمور في نصابها بتوضيح ما خفي من حقائق. إن وزارة العمل تعمل جاهدة على حماية العمالة دون تفريق والعمالة الوافدة على وجه الخصوص من سوء المعاملة أو الاستغلال أو انتهاك حقوقهم، من خلال تطبيق منظومة أحكام نظام العمل الواضحة، دون تمييز بين عامل سعودي وآخر وافد، فالحقوق والواجبات ركن أساسي من دعائم نظام العمل. ومن أهم الجهود التي تقوم بها الوزارة حالياً لتجريم الاتجار بالبشر، تطبيق العديد من مواد نظام العمل بكل حزم، منها المادة (37) التي توجب أن يكون عقد العمل لغير السعودي محرراً ومحدد المدة، وكذلك المادة (38) التي تمنع صاحب العمل من توظيف العامل في غير المهنة المدونة في رخصة العمل، وأيضاً المادة (40) التي تلزم صاحب العمل أن يتحمل رسوم الاستقدام، والإقامة، ورخصة العمل، والتجديد، ورسوم تغيير المهنة، والخروج والعودة، ورسوم نقل الكفالة، وكذلك تذكرة السفر عند عودة العامل إلى بلده عند انتهاء العلاقة التعاقدية بين الطرفين، كما تضمنت اللائحة التنفيذية لنظام العمل التي صدرت في 29/2/1428ه نصوصاً تستهدف حماية العمالة الوافدة منها الفقرة (13) من المادة (14) من اللائحة الخاصة بمكاتب الاستقدام الأهلية، التي نصت على وجوب أن يتضمن العقد الذي يتم تحريره مع العامل في الجهة المستقدم منها على العناصر اللازمة، مثل الأجر، ونوع ومكان العمل، ومدة العقد، بالإضافة للفقرة (14) من المادة نفسها التي تنص صراحة على عدم جواز تقاضي مكتب الاستقدام أي مبالغ مالية تحت أي مسمى من العامل، مقابل استقدامه، وأن يحصل المكتب على أتعابه من صاحب العمل، كما أوجبت الفقرة (17) من المادة (14) إلزام مكتب الاستقدام أن يحيط العامل - قبل الارتباط معه بعقد - بظروف المعيشة والتقاليد المتبعة في المملكة، والقرارات المتعلقة باستقدام وتوظيف غير السعوديين، كما وضعت الوزارة لائحة عمال الخدمة المنزلية، ومن في حكمهم، وذلك لتنظيم حقوق العاملات والعاملين في المنازل، بما يضمن حقوقهم وحصولهم عليها بشكل قانوني ومنتظم، وحسن معاملتهم. لم تكن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة وليدة موقف، بل كسياسة عامة للمملكة انتهجتها لضمان توفير حياة كريمة لمن يعيشون على أرضها دون تفريق أو تمييز، وخير مثال على ذلك القرار الوزاري رقم 738/1 بتاريخ 16/5/1425ه الذي يقضي بحظر كل أشكال المتاجرة بالأشخاص، مثل بيع التأشيرات، والحصول على مقابل نظير تشغيل العامل، وتحصيل مبالغ مالية منه مقابل تأشيرات الدخول والخروج والعودة، أو رخصة العمل، والإقامة، والإخلال بالالتزامات التعاقدية، والاستخدام غير الإنساني، والمعاملة غير الأخلاقية، وكذلك تشغيل الأطفال، واستغلالهم في التسول وما شابه ذلك.