قالت صحيفة «جارديان» البريطانية أمس الخميس إن أنباء العنف في العراق أصبحت تثير مشاعر كئيبة متكررة على الرغم من تحول انتباه الرأي العام في الايام الاخيرة إلى الكارثة الطبيعية المروعة في منطقة المحيط الهادي. وقالت الصحيفة في مقال افتتاحي إن حادث مقتل 29 من رجال الشرطة في كمين في بغداد يوم الثلاثاء الماضي يعد دليلا واضحا جديدا على ان المقاومة حية ومنسقة جيدا وناجحة ولايمكن بعد الآن تجاهلها واعتبارها مجرد عمل يقوم به ماأسمتهم «بالارهابيين الاجانب والعناصر البعثية» وتعد الصور الاخيرة للرجال غير الملثمين الذين يعدمون ببرودة دم موظفي الانتخابات في عرض الطريق وفي وضح النهار دليلا على الثقة الكبيرة لعناصر المقاومة في انفسهم. وأضافت جارديان أنه حتى الاجراءات الحذرة الغريزية التي تنتهجها الادارة الامريكية بدأت تتهاوى أمام هذه الحقائق المصدمة ففي الاسبوع الذي سبق احتفالات الميلاد قتل 24 شخصا في هجوم بقنبلة داخل قاعدة للجيش الامريكي في مدينة الموصل الشمالية بينما قتل 60 آخرون في هجمات بسيارات ملغومة في مدينتي النجف وكربلاء الشيعيتين. وأضافت أن الرئيس الامريكي جورج بوش الذي اعلن بشكل احمق قبل 18 شهرا انه تم إنجاز المهمة اضطر الى الاعتراف بوضوح بان آلاف العراقيين الذين كانوا يأملون في تولي مهام الامن الاساسية بدلا من الامريكيين غير مستعدين لذلك وان الكثير خائفون الآن من الانخراط في صفوف قوات الامن العراقية بعد مقتل المئات من مجندي الحرس الوطني وضباط الشرطة خلال العام الاخير. ومضت الصحيفة تقول إن معارضي الحرب العراقية يقبلون بأن انتخاب مجلس وطني جديد ضروري لانهاء التشوهات التي تشهدها فترة مابعد صدام وتمهيد الطريق لانسحاب القوات البريطانية والامريكية غير أن انتخابات 30 يناير لن تكون مطلقا هي الدواء لكافة الامراض فحتى فترة قريبة بدا أن الالتزام بالجدول الزمني سيوضح أن العنف لن يعوق الخطط الموضوعة ولكن اصرار حركة المقاومة بجانب الاخفاق في اخضاع القوات العراقية لعمليات تدريب مناسبة والقرار الخاص بعدم قيام القوات الامريكية بحراسة مراكز الاقتراع بشكل مباشر يجب على الاقل ان يؤدي لاعادة النظر في الامر. واوضحت جارديان ان العراقيين انفسهم يختلفون حول الانتخابات ففي حين اعلن آية الله على السيستاني اكثر رجال الدين الشيعة تأثيرا انه من واجب كل شيعي - الشيعة يمثلون 60 في المائة من السكان - الادلاء بصوته في الانتخابات وفي الوقت الذي يتحمس فيه الاكراد للانتخابات فإن السنة الغاضبون الذين يمثلون 20 في المائة من السكان اعلى الاطراف صوتا بالمطالبة بالتأجيل. واختتمت الصيحفة مقالها الافتتاحي قائلة انه إذا كان تأجيل الانتخابات قد يؤدي حقا نتيجة لما يعقب ذلك من تصاعد اعمال العنف إلى إلغائها مرة أخرى فإن إتاحة المزيد من الوقت قد يساهم إذا تم تكريس مزيد من الموارد لعمليات الامن وتوعية الناخبين واقناع السنة غير الراضين بإعادة النظر في موقفهم.. فالحاجة للمقامرة حين تكون المخاطر كبيرة يذكرنا بأنه لاتوجد خيارات سهلة للتعامل مع تبعات كارثة العراق التي صنعها الانسان.