الشاعر والفنان عبدالله بن سعد الجنوبي من مواليد الاحساء(1365 ه)نقل ل " مساحة زمنية "رحلته في عالم الشعر والغناء, وهي رصد كامل لحقبة زمنية"هامة"في صفحات الفن الشعبي، الجنوبي مثل الفن الشعبي في تلك الفترة المثالية والأبرز لهذا الفن. رحلة ال7 سنوات: ويستطرد الجنوبي في حديثه مفيداً أن فترة من حياته قضاها في مدينة الرياض واستمرت نحو 7 سنوات ، كان خلالها في تواصل دائم مع الفن والفنانين ، وعن هذه المرحلة يقول عبدالله : كنت أسكن في شارع البرقية في حي السبالة، حيث عملت في البداية مخلِّصاً، بعدها عملت في وزارة الصحة، ومن محاسن الصدف أنني باشرت العمل في نفس المكان الذي كان يعمل فيه حجاب بن نحيت الذي غادره في اليوم الذي سبق استلامي للعمل ، كما أن الممثل سعد خضر كان زميلي في العمل,"وأضاف"كنت متواصلا مع الفنان فهد بن سعيد الذي كان الأقرب لي في الرياض، كما أحييت خلال وجودي في الرياض العديد من حفلات الأعراس ومن بينها حفل زفاف شاركت فيه أنا وسلامة العبدالله وفهد بن سعيد. بشير وأخي محمد سرقوني: في إحدى زيارات بشير لي في مقر سكني في الرياض سمعني أغني أغنية " يا خوي انظر لحالي وش جرا لي"، وعرف أنني أنوي تسجيلها لدى"نجدي فون" لكنه لم يكن يعرف أنني حصلت على فسح بها من وزارة الإعلام ، وبعد أن سمعها بشير حفظ بعض أبياتها ثم ذهب إلى الاحساء لملاقاة أخي محمد وطلب منه أن يتوسط لديّ لكي أعطيه هذه القصيدة ، فرد عليه أخي : سجلها واكتب عليها اسمي وما عليك.! ، فغناها بشير ووضع على الاسطوانة الشاعر محمد الجنوبي، ثم نزلت الاسطوانة ، وعندما سمعتها فوجئت وتقدمت بشكوى إلى وزارة الإعلام، وطلبت إيقاف توزيعها، وطالبت بتغريم أخي محمد وبشير والعجيان كل منهم 100 ريال ،وعلى الفور أسرع العجيان بدفع كامل المبلغ وهو 300 ريال لكي لا يخسر قيمة الاسطوانات ، بعدها جئت لبشير وأعطيته القصيدة كاملة واشترطت عليه أن يسجلها لدى السويلم فون ، وتم بالفعل ، ومن ثم غناها عيسى . ويضيف عبدالله أنه امتنع بعد ذلك من التعاون مع بشير بسبب سرقته لهذه القصيدة ، على العكس من ذلك كانت العلاقة والتعاون والجلسات مستمرة مع فهد بن سعيد. منزل شعراء: وراح عبدالله يتذكر بعض المواقف التي كانت تحدث في منزل ( آل الجنوبي )، حيث أشار أنه طلب ذات مرة من شقيقه محمد الدفتر الذي كان يكتب فيه الشعر ، فقرأ إحدى القصائد وهي: "ألا يا الله ياعالم بحالي***إلهي طالبك حلمك عليه" وأكثر بيت أعجبه هو.. "أنا وان مت من قبل الوصالي ادفنوني في جنب الصالحية" فقلت لأخي محمد أريد هذه القصيدة أغنيها ، فقال لي أكملها أولاً ثم أعطيك إياها ، وفي اليوم التالي سمعت عيسى يغنيها ومن ثم سجلها ، فأثارني هذا الموقف وخرجت بقصيدة تحمل نفس المعنى" ياخوي انظر لحالي ايش جرالي نعم القحطاني سرقنا: وأكد عبدالله الجنوبي أن الشاعر علي القحطاني قام بسرقته وسرقة شقيقه محمد ، ويضيف الجنوبي أن القحطاني سرق ديواناً بالكامل، كما أن الشريط الذي غناه عيسى في القاهرة كان يحمل أغاني صريحة له غيَّر منها القحطاني بعض الكلمات ونسبها إليه ، ومن بين الأغاني التي سرقها القحطاني ( الحب حاكم وجبار ، أنا الجاني على نفسي وإلا شجابني الدمام ، ياناس شالحيلة ، سد النافذة بمسامير) . ويضيف : إلا أن سرقة القحطاني لقصائدي لم تمنعني من الالتقاء معه وأخذت منه قصائد وسجلتها في تسجيلات الوادي الأخضر في الكويت الذين كان دائماً نذهب له ونزوره أنا عيسى، لكنني أود التأكيد على أن عيسى الاحسائي هو من ساهم في شهرة ومعرفة الناس للقحطاني وليس العكس . 15 سنة في انتظار تصريح الغناء: فهد بن سعيد - رحمه الله - 1385ه يشير إلى أنه انتظر 15 سنة على أمل الحصول على تصريح رسمي من وزارة الإعلام يسمح لي بالغناء وكان آنذاك غيري من الفنانين يغنون وكسبوا من ذلك الشهرة والمال وأنا أنتظر احتراماً للوزارة ، وذلك سبب تأخري كثيراً عن أقراني ومعرفة الناس لي . ويضيف : بعد 15 سنة دخلت على سكرتير وزير الإعلام ودخلت في مشاجرة قوية معه عن سبب عدم منحي تصريحاً وخلال ارتفاع الصوت سمع الوزير وفتح باب مكتبه ، وسألني ماذا تريد فأخبرته في رغبتي الحصول على تصريح بالغناء بصفة رسمية، وعلى الفور قام بإعطائي ورقة كتب فيها:( لا مانع من إعطائه فرصة يزاول الفن ) وعلى أخذت الورقة وأسرعت فرحاً لإدارة المطبوعات وقابلني هناك الممثل سعد خضر واصطحبني إلى إدارة الترخيص الذي منحوني الترخيص,وقال: إنه غنى للعديد من الشعراء أمثال عبداللطيف الشيخ الذين كان أكثر الشعراء الذين تعاون معهم ، ومحمد عبدالله الجنوبي ، وعبدالله الجمعان ، ومن الكويت للشاعر نايف العماوي ، ومن الكويت عبدالله الصواغ ، وأشار إلى أنه سجل 40 اسطوانة معظمها من كلماته. رحيل عيسى أنا من أكثر الناس التصاقاً بعيسى وكنا دائماً متلازمين ، وكان آخر لقاء لنا هو مساء ليلة الجمعة حيث أحيينا حفلة أحد الأعراس، بعدها التقينا يوم السبت قبل وفاته حيث كان غداؤنا في ذلك اليوم في منزل ولد خاله، وبعدها أخبرني أنه ذاهب إلى الدمام، وفي مساء اليوم الثاني " أي ليلة الأثنين جاءني أحد أقاربه ليخبرني أنا عيسى اتصل به وقال له قل لعبدالله الجنوبي ألا يأخذ حفل زفاف هذا الأسبوع لأن عيسى تعبان, وفي صباح الأثنين ذهبت إلى منزل عيسى وفوجئت بوجود عدد كبير من أقاربه ومحبيه محتشدين عند المنزل ، فسألت عما حصل فأخبروني أن وصول خبر غير مؤكد عن وفاة عيسى " فاسترجعت "، وفي هذه اللحظات رآني ابن عيسى " عبدالله " وكان صغيراً وفجلس بجواري في السيارة وسألني عمي عبدالله وين أبوي ؟ فقلت إنه في الدمام ،وخلال لعبي معه وممازحته وبعد لحظات تأكد خبر الوفاة وتصاعد الصراخ والنحيب في داخل وخارج المنزل واكتظ الشارع من المذهولين بنبأ الوفاة ، وبعدها رجعت إلى منزلي وانهرت باكياً . عبدالله الجنوبي لهذا كسرت أعوادي وأتلفت أشرطتي ؟ لم أحزن على إنسان كما حزنت على وفاة أخي سالم الذي توفي هو وأخي مبارك في حادث مروري، وبموته كرهت كل شيء وتركت العزف لمدة 6 سنوات، وقمت خلالها بتكسير 7 آلات عود، كما رميت جميع الأشرطة التي كانت عندي، ولا زلت حتى الآن لا أعزف إلا في السنة مرة واحدة، ويلفت عبدالله إلى أن تقدمه في السن وارتباطاته العائلية الكبيرة فرضت عليه جوا معينا بعيدا عن الفن، ويمضي معظم وقته مع أبنائه وبناته وأحفاده الذين يصل عددهم إلى 34 ابناً وحفيداً. عيسى الأبرز: وحول ما إذا كان هناك تنافس في فترة من الفترات بين عيسى وبشير نفى الجنوبي وجود هذا النوع من التنافس مؤكداً أن عيسى كان يتفوق كثيراً على بشير ولا يوجد أي مجال للمقارنة بين شهرة الاثنين, "وأضاف" أن هناك تنافساً بين عيسى وطاهر الأحسائي، وحدث أن وقعت بعض الأحداث بينهما، ويلفت عبدالله النظر إلى أنه تعرف طاهر الأحسائي بجوار عين"أم سبع" حين كانت مكاناً لتجمع الفنانين يقام فيه " المجيلسي " حيث يجتمع الفنانون يغنون للمعاريس بجوار العين ، وكان ذلك غير معلن أو لنقل اشبه بالسر لأن الغناء والعزف على آلة العود آنذاك غير مصرح به . ووصف عبدالله إلى أن الفترة التي كان يقدم فيها الفنانون بعض الأغاني الصريحة بفترة الجهل وعدم النضج والوعي الكافي، ونفى الجنوبي أن تكون أغنية " أنا ودي " من تأليفه مؤكداً أنها من تأليف شاعر يدعى عبيد بن حجاج من محافظة الخرج .