عشرون عاما على (خروج نلسون مانديلا) من السجن ، وهو عمر تحرر جنوب أفريقيا من التفرقة العنصرية ، وهو عمر مشهود في مكافحة العنصرية والفصل العنصري ..وهو عمر كتب بدماء السود في جنوب أفريقيا.ليكون لا فرق بين أسود وأبيض .. ويكونوا متساوين امام القانون جميعا .. انتصار ثورة أهل البلاد الحقيقين ضد المحتل الذي استوطن وحكم وعسف وبطش وجعل من العبودية رمزا . لا يسير الأفريقي الأسود إلا بجواز خاص يتيح له دخول أماكن البيض وهو لا يدخل ليعمل محاميا أو مهندسا أو حتى موظفا عاديا ، يدخل ليكون خادما ، يرفع القمامة وينظف الشوارع أو يحمل الحقائب بالفنادق . انتصر الكفاح المر ليأتي بعده التسامح الحلو من الرجل الأسود الخارج للتو من السجن للرجل الأبيض ، ليؤسس البلاد على التسامح والعمل ، ولكي يبقوا شركاء في البلاد في البناء والعمل ، تبقى الشركات تعمل والاقتصاد يسير بصورة جيدة حفظت البلد من عنفوان الثأر فما تحولت شوارعها لمذابح ولم تكن مسالخ وما انتشر العنف في البلد وما تم تصديره لخارجه .. الصقر الأسود( مانديلا) خرج من سجنه ، للحرية ، لعق الجرح وقرر ان يلعقه معه جميع مواطنيه ، وكأنه القرناس وهو يزيل ما علق من ريش قديم ليزرع له ريشا جديدا ، ريشا نقيا ،أعلن بداية صفحة جديدة ،الضحية تسامح الجلاد وتمد يدها له .. أبيض وأسود وهندي ،وبديانات مختلفة متساوون أمام القضاء وفي الوظائف وفي كل ما يتعلق بالمواطنة فهي حق للجميع .. جنوب أفريقيا التي كبرت وقوي اقتصادها ، حمت نفسها بتدبير الحكماء بها واكبرهم هو (مانديلا ) الذي خرج من السجن ليخرج وطنه من دوائر العنف لدوائر البناء ..ولكن تبقى أشياء من الصعب ان تمحى ، رغم كل كفاح السود ، لازال بعضهم به عقدة العبودية والنبذ ، ولازال في البيض عقدة السمو والترفع ، رغم ان بعض البيض لا يجد وظيفة وكما بعض السود لايزالون يعانون من الفقر والعوز . عشرون عاما مضت وجنوب أفريقيا ترتقي يوما بعد يوم طبا وسياحة وصناعة ، وأصبح نظامها الاقتصادي يتيح للشركات الكبرى العمل بأمان فيها .نذكر كيف انتقلت بعض الشركات للعمل في جنوب أفريقيا حتى تسلم من مقاطعات بعض الشعوب . تقدم جنوب أفريقيا نلمسه في السعودية ، نجد في المستشفيات ، أطباء وعاملين على الأشعة أو في المختبرات ، ولعلنا نلحظ حسن تعاملهم بيضهم وسودهم .. رغماً عنا في القلب حسرة على ما حل بالعراق ، وما نراه يزداد يوما بعد يوم ، حيث الكل يريد الثأر من الكل وينسى أغلبهم أنهم يثأرون من العراق ، فالعراق يتقهقر ، العنف يولد عنفا ، والمحتل مبتهج .. منديلا تجاوز التسعين عاما ،أحبابه يحتفلون فرحا به ،ويحتفل الجنوب أفريقيون سودا وبيضا وملونين به وله يبتهج العالم..