منذ ظهوره الأول عبر قنوات art الناقلة للبطولات السعودية، استأثر الحكم الدولي السابق محمد فودة بمتابعة الجماهير السعودية والنقاد، وجعل من تقييمه لأداء الحكام محط اهتمام، نظير جرأة آرائه وصراحته في تقييم الحكام بعيداً عن المجاملة ومحاباة طرف ضد آخر، أو خشية ردود فعل. وتجاهل الفودة الأحاديث التي تناولها الشارع الرياضي عن حدته وجرأته في التعليق على الأخطاء التحكيمية بتجرد والتي فسرت على أنها بسبب اختلاف في التوجه مع رئيس لجنة الحكام السابق عبد الله الناصر. لكن المتتبع لآراء الفودة في الآونة الأخيرة، يلحظ تغيراً في طريقة تعليقه على الحالات التحكيمية والأخطاء التي يرتكبها الحكام السعوديون والأجانب، والانقلاب المفاجئ في رصده للحالات التحكيمية. فالفودة كشف عن انتقائية واضحة في عرض الحالات التحكيمية قبل إبداء آرائه الغريبة تجاهها، بعد أن عُيّن مستشاراً غير متفرغ للجنة الحكام الجديدة والتي يقودها عمر المهنا، إذ تغيرت الكثير من قناعاته، وهو الذي كان ينتقد الحكام السعوديين بهدف تقويمهم وإعادتهم للمسار الصحيح، وباتت قناعاته تتغير تجاه العديد من الأسماء، فضلاً عن إيحاءاته بضعف الغالبية العظمى من الحكام الأجانب الذين حضروا في الفترة الأخيرة، وهم الحكام الذين تم انتقاؤهم بعناية بحسب تصاريح المسؤولين نظراً لحساسية المرحلة التي تحدد مصير الفرق كافة. ويكفي لإثبات حقيقة التغير الجلي في تعاطي الفودة مع أخطاء الحكام، محاولاته لإرضاء طرفي أي نزال يقوم الفودة برصد أخطاء قضاته، وتفادي ردود فعل مسؤولي بعض الأندية، ما يجعله عرضة لانتقادات مسؤولي نادٍ دون آخر، فضلاً عن سعيه لتبني التقليل من شأن الحكام الأجانب والإسقاط عليهم، دون أن يدرك الخبير التحكيمي أن البحث عن مخرج للأخطاء والمنافحة عن الحكام السعوديين، مقابل الترصد للحكام الأجانب يعني أنه يمارس نوعاً من التضليل دون أن يتعمده، ودون أن يدرك أن المتابعين على قدر كبير من العلم بقانون كرة القدم. وعندما يتم التأكيد على أن قناعات كثيرة وآراء عدة للحكم الدولي السابق قد تغيرت، فإن الحديث عن هذا التغير يحمل مطالبة للفودة بمراجعة حساباته، وتقييم آرائه، إذا ما علمنا لدرجة اليقين أن تطوير الحكم السعودي ومعالجة أخطائه وإعادة صياغة تحكيمنا لن يأتي سوى من خلال الصراحة والوضوح والجرأة في الطرح والمكاشفة، لا المجاملة والصمت والتقليل من تأثير إخفاقات بعض الحكام، وهذا ما يجب أن يدركه الفودة وكل خبراء التحكيم، باعتبار أن تطوير الحكام وإعادتهم لسابق عهدهم مطلب لجميع السعوديين، ولأن تطوير قضاة الملاعب سيعني إعادة واجهة مهمة للرياضة السعودية إلى ما كانت عليه في السابق.