الذين لهم علاقة مباشرة مع التلفزيون يعلمون أن ادارة الرقابة بالتلفزيون هي الدينمو المحرك للقناة والتي يقوم أفرادها بدور اكبر من مسماها في اختيار الأعمال وإجازتها وترشيح الأفضل منها ومتابعة المنتجين وتمثيل التلفزيون في المهرجانات والمعارض وغيرها ولهذا فوجئت بعد نشر مقال "سقف الحرية في الدراما السعودية" من رسالة وصلتني يقول مرسلها: لقد أخطأت بحقنا في مقالك هذا والمؤسف أنك مطلع على كل ما نقوم به من جهود وأنت تعلم أننا نتعاطف مع المنتج السعودي بشكل كبير وكم من قرارات أخذناها لكي لا يصيبه الضرر فكيف تتهمنا في مقالك بأننا لا نفهم.. إلخ الرسالة العاتبة. أستغرب أن يفهم ما كتبتُ وكأنه موجه للرقابة أو لكل أفراد هذه الإدارة فنحن نعلم أن الكثير من الأعمال ترفض من وجهة نظر رقيب وتجاز في وقت لاحق من قبل رقيب آخر وفي هذا قبول لوجهات النظر ونحن نعلم أن الرقيب لا يتخذ قراره بنفسه بل يستشير من هم حوله في كثير من الأحيان والحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن من حق الرقيب حماية نفسه فعندما يقع خطأ فإنه يلام وحده وليست إدارته وهذا الأمر هو الذي يجعل البعض يبالغ في تحفظه وهذا ما قصدته في ذلك المقال الذي كنت أنشد من ورائه إيجاد شكل جديد يرتقي بسقف الحرية في الدراما السعودية حتى تكون منافسة لمثيلاتها الخليجية والعربية وتكون مرآة لإنسان هذا الوطن والتنظيم الذي طالبت به يتيح للرقيب المسؤول عن إجازة الأعمال الاعتماد عليه في تقديراته ويوفر له الحماية عندما يوجه له اللوم. جميعنا يعلم أن الدراما يجب أن تتطور بتطور الحياة ولهذا يصعب علينا أن نشاهد أعمالا منزوعة الدسم على شاشتنا المحلية بينما نراها بكامل السم والدسم في قنوات أخرى ولهذا أرى أن التلفزيون السعودي يظلم نفسه عندما يتنازل عن حقه في تبني دراما سعودية متطورة (وهو الذي أوجدها) تناقش قضايانا بتجرد ودون تنزيه لفئة عن أخرى فما يوجد في القطاع الخاص يوجد في القطاع العام وهذا الأمر لا يجب أن يتم بمعزل عن أصحاب العلاقة من كتاب ومخرجين ومنتجين ومراقبين وعارضين بصفتهم أفراد العملية الإنتاجية فالحقيقة التي لا يمكن أن ننكرها أننا لانرى أعمالاً متميزة على شاشتنا المحلية ولذلك عدة أسباب لعل أهمها النص فكاتب الدراما السعودية لا يكتب بعمق حتى يمرر عمله ولهذا يتجنب الطرح الجريء سواء المباشر او من خلال الإسقاطات اما الاسباب الاخرى فكثيرة ومنها قصر مدة الانتاج التي تمنح للأعمال وخاصة التي تنتج للعرض في رمضان والتي تجعل التلفزيون أمام القبول ببعضها رغم عدم الرضا التام عنها لأنها تصله قبل رمضان بعدة أيام وهذا الأمر للاسف استغله اكثر من منتج في تبرير ضعف جودة ما ينفذون ولهذا إن اردنا ان نطور انتاجنا الدرامي فعلينا ان نمنح مساحات اكبر للكتاب وعلى التلفزيون ان يضع شكلا للحصول على اجود النصوص وعليه ان يمنح المنتجين الوقت الكافي للانتاج وان لا يساوي بين الانتاج الممتاز والجيد في ميزانيات الانتاج وان يمنح من يقدم اعمالا متميزة تكسب رضا المشاهدين وتحقق له الفوز في المهرجانات فرصاً أكبر للإنتاج وقبل كل هذا عليه ان يحرر الرقيب من العقاب الذي يمكن ان يطاله إن هو اخطأ في التقدير فلا يمكن ان تتفق الآراء على رؤية واحدة في العمل الفني الذي تختلف النظرة إليه من مشاهد لآخر.