من المبادئ المتعارف عليها في العمل القانوني أن إصدار اللوائح التنفيذية يأتي كإجراء استتباعي لصدور القانون، فالمشرّع عادة عندما يصدر القانون لا يكون ملما بكل تفاصيل وجزئيات الحالات التي يريد تنظيمها، ولهذا يصدر القانون بقواعد عامة دون الدخول في التفصيلات التي تترك للسلطة الإدارية التي تقوم بتنفيذ القانون لتضع بمعرفتها لائحته التنفيذية التي تشتمل على هذه التفاصيل والجزئيات، وذلك بشرط ألا تتضمن اللوائح التنفيذية أي أحكام أو قواعد من شأنها تعديل أو تعطيل أحكام القانون أو إنشاء قواعد غير لازمة لتنفيذه، ومن المتعارف عليه أيضا أن يتضمن القانون الصادر نصا يقضي بتفويض السلطة التنظيمية بإصدار لائحته التنفيذية في ضوء أحكامه، بحيث تصدر اللوائح التنفيذية بقرار إداري من الوزير المختص من أجل تنفيذ القانون بهدف وضع التفصيلات والجزئيات اللازمة لتيسير تنفيذ أحكامه. وعندما يلجأ الباحث وخاصة غير المتخصص عند بحثه عن نظام يتعلق بتعامل تجاري فان من الطبيعي أن يكون الملجأ الأول له هو الموقع الالكتروني لوزارة التجارة الذي تضم قائمته الأساسية صفحة أساسية تحت عنوان (الأنظمة التجارية) يندرج تحتها مختلف الأنظمة الصادرة في المملكة العربية السعودية ولوائحها التنفيذية، والتي جاء تبويبها بطريقة تم من خلالها نشر كل نظام في صفحة مستقلة تتضمن الصيغة الخاصة بالنظام إضافة إلى معلومات الأداة القانونية التي صدر بها (المرسوم الملكي وقرار مجلس الوزراء)، وتتضمن كذلك قرار وزير التجارة باعتماد اللائحة التنفيذية لذلك النظام وصيغة اللائحة المعتمدة. وقد لقي صدور (نظام الرهن التجاري) بالمرسوم الملكي رقم (م/75) وتاريخ 21/11/1424ه ترحيبا كبيرا من الأوساط القانونية والأوساط التجارية في المملكة لما توفره نصوص النظام من تغطية لفراغ قانوني كان موجودا فيما يخص الرهن التجاري، ولما سيؤدي إليه صدور هذا النظام من توفير آلية تمويلية في مجال الأعمال إضافة إلى صيغ التمويل الأخرى المتعارف عليها، وقد أناط النظام في مادته (26) لوزير التجارة بإصدار اللائحة التنفيذية، غير انه عند الاطلاع على ما تم نشره في موقع وزارة التجارة الخاصة في الصفحة الخاصة بنظام الرهن التجاري ولائحته التنفيذية (http://www.commerce.gov.sa/circular/defult40-1.asp) يفاجأ الباحث بأمرين وهما (انظر الجدول المرفق): أن نصوص النظام المنشورة يوجد بها أخطاء تمثلت في سقوط عبارات كاملة، وهو ما يؤدي إلى عدم وضوح المعنى للقارئ، وهذا ما حدث لنص المادة (1) والمادة (11) وخاصة هذه المادة الأخيرة التي سقط منها عبارة كاملة. أن صدور اللائحة التنفيذية لنظام الرهن التجاري بقرار وزير التجارة رقم (6320) وتاريخ 18/6/1425ه لم يتضمن جديدا، أو بمعنى آخر أن اللائحة التي صدرت بقرار من الوزير حملت نفس النص والمعنى الذي ورد في النظام وبنقل حرفي مباشر مستمد من نصوص النظام، بل ان نصوص النظام حملت تفصيلا أكثر من نصوص اللائحة، عكس المتعارف عليه وهو أن صدور اللائحة التنفيذية يعني وضع التفصيلات والجزئيات اللازمة لتيسير تنفيذ أحكام النظام. لا يمكن تبرير صدور اللائحة بهذه الصيغة المعيبة والمخلة بأصول العمل القانوني إلا بوجود خلل في قدرات وخبرات من تولى إعدادها وصياغتها، وعدم تحمله مسؤوليته المهنية عند الصياغة بشكل تفرضه أعراف العمل القانوني، وهو ما يفرض ضرورة الالتزام بوجود حد أدنى من التأهيل القانوني لمن يوكل إليهم إعداد اللوائح التنفيذية في الجهات الحكومية، ولعلنا نأمل على ضوء ضعف نصوص اللائحة وكونها مجرد تكرار لما ورد في نصوص النظام، بأن تقوم الوزارة بإعادة صياغتها خاصة وان صلاحية تعديلها يملكها الوزير بحكم امتلاكه ابتداء صلاحية الإصدار.