صورة المرأة في أذهاننا يشوبها كثير من المشاكل. من السهل أن نصل إلى هذه الحقيقة. في كل مرة أجلس مع شباب أراقب ردات فعلهم عند ظهور امرأة سياسية أو كاتبة أو عالمة أو باحثة. امرأة خارج المجال الذي تعرض فيه الأنثى بوصفها موضوعا يتوسل الجنس لتوصيل رسالته كالمغنية أو الراقصة أو فتاة الإعلان. الثقافات المتضاربة تحرف الحقائق. يقول أصحابنا إن الحضارة الغربية حولت المرأة إلى سلعة. تستطيع أن ترى هذا الكلام صحيحا إذا أردت. ميولك تقرر صحة هذه المقولات المعلبة. يسعفك التحيز على تجاهل بعض الحقائق الناصعة. إذا قلنا إن الحضارة الغربية حولت المرأة إلى سلعة فقد حولت الرجل كذلك. لماذا ننظر للمرأة وحدها. لاعب الكرة الراقص الملاكم المهرج الممثل إلخ وغيرها من الوظائف التي يتحول أصحابها إلى فرجة مستأجرة. من يرد أن يستوفي الحقيقة فسنذكره أن كل هذه الوظائف موجودة قبل أن تتسيد الحضارة الغربية فضاء الإنسان. لم تأت هذه الوظائف بسبب الحضارة الغربية. وجدت في كل الحضارات السابقة. الذي يريد التفاصيل أقترح عليه أن يقرأ كتب التراث مثل كتاب الأغاني للاصفهاني. يقرأ تاريخ الهنود والأتراك والمايا. يكفي الحضارة الغربية أنها أول حضارة تعي هذه الحالة وأول حضارة أقامت مؤسسات ومنظمات وقوانين تتصدى لتسليع المرأة والرجل والطفل والمعوق. مصطلح تسليع الإنسان قادته الحضارة الغربية. امرأة الإعلان شغلتنا كثيرا. نتجاهل أن عدد الرجال المستخدمين في الإعلان أكثر من عدد النساء. يكفي أن تعد الرياضيين بكل أشكالهم لتعرف أن الرجل هو السلعة وليس المرأة. حملة التعتيم والعزل والتصعيد الجنسي في علاقة الرجل بالمرأة حرفت الحقيقة. الطفل الأمريكي أمامه رجلان أوباما ومايكل جاكسون وفي نفس الوقت أمامه امرأتان هيلاري كلينتون وجنيفر لوبيز. مربعنا أعرج. في قسم الرجال سنجد الصورة شبيهة بالصورة الأمريكية أما في قسم النساء فإحدى الأرجل ملغاة. يفتح ابني الصغير عينيه صباح مساء على صورة باسكال ونجوى كرم ونانسي عجرم. لكنه لا يعرف وجوه الكاتبات والباحثات والعالمات. لا يرى ابني أو ابنك الصغير صورة امرأة ناجحة إلا في المجالات التي يحيط بها الموضوع الجنسي. صورة المرأة عند ابني وابنك عن المرأة مختلة إلى درجة أن امرأة عجوزا محترمة تموت لا يذكر اسمها حتى في عزائها. خذ هذه الجريدة على سبيل المثال .كم كاتبة تنشر صورتها مع مقالها. هناك محاربة ضمنية تستهدف تغييب المرأة الجادة. الإنسان يبني صورة نمطية ويكبر عليها.غياب صورة المرأة في المجالات البعيدة عن الجنس يكاد يكون شاملا. لا يمكن إلغاء الفن أو الرقص أو الرياضة أو غيرها من نواحي التسلية والمتعة. لوضع هذا الاتجاه في مكانه الصحيح في إطار الصورة الذهنية يفترض أن نشجع ونكرس حضور المرأة في مناطق الإسهام الجادة بصورتها الفوتوغرافية الحية وعلى شاشات التلفزيون.