لقد أصبحت المرأة المسلمة في بعض المجتمعات المسلمة، التي وقّعت وصادقت على اتفاقية السيداو مجالاً لتنفيذ جميع متطلباتها على شؤون حياتها، دون أي اهتمام بما يخالف التشريعات الربانية، (المهم أن تكون هذه الاتفاقية هي المرجعية الشرعية، وليس المرجعية الإسلامية). والمرأة هنا نالها هذا النمط من الضغوط الأممية، فبدأت جمعية الأممالمتحدة ولجانها الخاصة بالقضاء على العنف، والتمييز ضد المرأة -حسب المفهوم الخاص للأمم المتحدة المخالف للمفهوم الإسلامي- التركيز على وضع المرأة في المملكة، والاستعانة بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وبعض أتباعها في داخل المملكة؛ من أجل إصدار بيانات وتقارير مغلوطة، ومبالغ فيها عن واقع المرأة السعودية، مستغلين بعض الحوادث الفردية والشاذة؛ لأجل الضغط على الدولة من أجل تطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة. ولقد بدأت كتابة هذه التقارير الدولية عن المرأة السعودية بشكل واضح وصريح ابتداءً من عام 2000م، وذلك إثر التوقيع عليها -مقرونًا بالتحفّظ على كل ما يخالف الشريعة الإسلامية- على الاتفاقية في ذلك العام في نيويورك. أمّا لماذا؟ فالإجابة ذكرها الدكتور فؤاد العبدالكريم في بحثه عن المنظمات الدولية، وفرض تطبيق الاتفاقيات الدولية على الواقع المعاصر للمرأة الخليجية (تقارير المنظمات الدولية عن المرأة السعودية أنموذجًا) باستعراض ما قالته أستاذة التاريخ النصراني الدكتورة “سيسي مود”، حيث قالت: “إن الغرب لم يكتفِ بالتسبّب في سرعة انحداره هو نفسه، بل ينظر بازدراء إلى باقي المجتمعات في العالم، مدّعيًا أنه المدافع عن الفكر الحر، ولا يتوانى عن محاولته فرض فلسفته المادية الفظة على العالم. وكما ذكر الدكتور فؤاد: ومن هذا المنظور يبدو الإسلام والعالم الإسلامي هدفًا مناسبًا للهجوم الغربي، وفي هذا الخضم تقع السعودية في مقدمة المجتمعات المسلمة المستهدفة، فالمملكة في نظر الغرب بلد مضطهد للنساء، ومصادر لحقوقهن، وعدو للديمقراطية والحريات الشخصية، وتقدم وسائل الإعلام صورة متخلفة عن المجتمعات المغايرة؛ لإقناع مواطنيها بصحة حضارتهم الغربية، إلاّ أن الاعتراف بوجود مثل هذه المجتمعات المغايرة، هو اعتراف بفشل عالمية النموذج الغربي، وإقرار بوجود مقاومة قوية لهذا النموذج الذي كثُر التباهي به”. ولقد استعرض الدكتور فؤاد العبد الكريم هذه التقارير فوضّح أن التقرير الأول صدر من منظمة العفو الدولية عام 2000م بعنوان “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تتعرض لها المرأة”، جاء فيه: إنها تتمثل في الآتي: عدم سير المرأة داخل بلدها!!، أو السفر خارجه إلاّ بمحرم. تعرّض النساء عند القاضي لأنواع من الترهيب للإدلاء باعترافات تكون الدليل الوحيد لإدانتهنّ ومعاقبتهنّ. عدم المساواة بين الجنسين في نظام العمل. عدم نشر إحصاءاتٍ عن قضايا الرجال الذين اتُهموا بالاعتداء على زوجاتهم. ورحب التقرير بالخطوة الإيجابية المهمّة التي اتخذتها المملكة بالانضمام إلى “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” الصادرة عن الأممالمتحدة، رغم إبدائها تحفظاتٍ واسعة عليها، ودعوة المنظمة للحكومة بألاّ تستخدم هذه التحفظات في تقويض الهدف من الاتفاقية، وما تمثله من قيمة. أمّا التقرير الثاني فهو تقرير لجنة الأممالمتحدة المعنية بحقوق الطفل لعام 2001م: أبرز ما ورد في التقرير ما يلي: إن التفسيرات الضيّقة للنصوص الإسلامية تعوق التمتع بكثير من الحقوق التي تنص (اتفاقية حقوق الطفل) على حمايتها. تعرّض الأطفال للاعتقال والاحتجاز بشكلٍ تعسفيٍّ، والحُكم على بعضهم بالإعدام إثر محاكماتٍ جائرة. إن سياسات التعليم، ومنع الاختلاط بين الجنسين تضع الفتيات منذ البداية في مرتبةٍ أدنى من أقرانهنّ الذكور. أمّا التقرير الرابع فأصدرته منظمة العفو الدولية عن إقصاء المرأة عن الانتخابات في 17 /11/2004م حول الآتي: أن المنظمة تعارض الخطط المتعلّقة بحرمان المرأة من المشاركة في الانتخابات المقبلة، كما أن استثناء النساء من عملية الانتخابات البلدية، يعتبر منافيًا لقانون الانتخاب في البلاد. أن حق الاقتراع والترشيح للمرأة والرجل على حد سواء، حق أساسي لا يجوز تأخيره. أن مجرد السير في الشارع ممنوع على النساء اللواتي لا يُسمح لهنّ بالسير في الأماكن العامة من دون رفقة محرم، حتى لو كانت بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة، وإن خرق هذه القوانين يثير الاشتباه في ممارسة الدعارة، ويعرضهنّ للمعاملة الوحشية والتعذيب على أيدي الشرطة الدينية المعروفة باسم “المطوِّعين”. أن من بين القيود الأخرى على حرية التنقل، التي تقوم على أساس النوع الاجتماعي، منع المرأة من قيادة السيارة. أن المرأة أصبحت أكثر جرأة في المطالبة بمزيد من الحقوق المتساوية مع الرجل. أن المنظمة ترحب بجميع الخطوات التي تحاول تقليص القيود المفروضة على حق المرأة في العمل، وتخفيف التمييز ضدها. أمّا التقرير الخامس فقد أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش عن عقوبة الرجال الذين يتصرفون كالنساء. (أي الشذوذ الجنسي، أو ما يطلق عليه المثلية الجنسية). فذكر التقرير (الرجال “الذين يتصرفون كالنساء” يواجهون عقوبة الجلد، الأحكام المفروضة على السلوك المثلي المزعوم ينتهك حقوق الإنسان). - إن مقاضاة وسجن الناس بسبب السلوك المثلي الجنسي هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، وازدراء لحقوق الخصوصية الأساسية، وتعريض الضحايا للجلد، هو تعذيب واضح وصريح. - أن هذه الإدانات والأحكام غير مقبولة، كما أن فرضها بناء على الميل الجنسي الحقيقي أو المزعوم للضحايا، أو على السلوك الجنسي الرضائي، هو أمر أكثر سوءًا. - إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يمثل القانون العرفي والدولي، يمنع التدخل في حق السرية الشخصية، ويمنع المحاكمات غير العادلة. - إن المحاكم تنتهك حق الخصوصية الشخصية، وتسخر من حكم القانون، وإن الأحكام القاسية على المثليين، تثير الشك حول وعود الإصلاح التي قدمتها الحكومة السعودية مؤخرا- دعوة الحكومة إلى وقف هذه الممارسات، التي تتجاهل المبادئ الأساسية لقانون حقوق الإنسان العالمي. ** محتوي هذه التقارير وسواها يفرض علينا أن نوضح لماذا هذه التقارير؟؟ • أكاديمية وكاتبة [email protected]