ومن أكثرها قوة، قانون تكافؤ النسب الذي بسببه يتم تفكيك الأسرة وتشريد أفرادها وأطفالها بدون ذنب. في القضية المشهورة وبطلاها فاطمة ومنصور، كان قرار قاضي محكمة الجوف فسخ عقد الزواج بحجة عدم تكافؤ النسب وقد ثبت بعد ذلك بطلان هذا الحكم وذلك لاكتمال شروط عقد نكاح شرعي بموافقة ولي الأمر والزوجة، وهكذا جاء الحكم أخيرا لصالح الأسرة والأطفال والزواج الشرعي، وهو ما يخدم المجتمع بشكل عام. ولا شك ان التفريق بين الزوجين فيه اساءة للاسلام ومساس بحقوق الانسان فهو أمر يتعارض مع تعاليم الدين الاسلامي ؛ فالاسلام هو دين المساواة، والرحمة، والعدل، والمحبة، وهو دين يرفض العنصرية والعصبية القبلية الجاهلية. ومن اجل ذلك جاء حكم المحكمة العليا الذي نقض الحكم السابق بالتفريق بين الزوجين. استغرق الأمر أربع سنوات لنقض حكم التفريق وهي مدة طويلة توجب علينا أن نعتذر للزوجين وان نعوضهما ماديا ومعنويا. إنّ قصة فاطمة ومنصور، هي قصة تدعونا للتوقف أمام كثير من العادات والتقاليد التي تكتسب قوتها وسيطرتها على سلوك الناس وكأنها من الثوابت الدينية وهي مجرد عادات وتقاليد تحولت مع الزمن في عقول بعضنا الى سلوكيات مقدسة. في موقع الاسلام سؤال وجواب كان السؤال عن رأي الاسلام في التفرقة العنصرية؟ فكانت الإجابة ما يلي: الناس كلهم بنو رجل واحد وبنو امرأة واحدة .. المؤمن والكافر .. الأبيض والأسود .. العربي والأعجمي .. الغني والفقير .. الشريف والوضيع. والاسلام لا يلتفت إلى الفوارق في اللون، والجنس، والنسب فالناس كلهم لآدم، وآدم خلق من تراب .. وإنما يكون التفاضل في الإسلام بين الناس بالإيمان والتقوى بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه قال تعالى: (يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا قبائل لتعارفوا، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم، إنّ الله عليهم خبير) الحجرات 13. السؤال الآن كيف فات هذا المبدأ الإسلامي على القاضي الأول الذي حكم بالتفريق بين فاطمة ومنصور رغم توفر كل مقومات وشروط الزواج الشرعي؟ وهل يجوز أن نسمح لعادات لا تنتمي للاسلام ان تؤثر في احكام القضاء بنفس الدرجة التي تؤثر فيها على الناس البسطاء؟! قصة فاطمة ومنصور يجب أن تدفعنا الى مراجعة كثير من العادات والتقاليد التي تتحول إلى قوة الدين لكنها في حقيقة الأمر توضح لنا وجود فجوة بين القيم الإسلامية التي نؤمن بها، وبين ممارساتنا الفعلية التي تتعارض مع تلك القيم. ان نهاية قصة فاطمة ومنصور السعيدة هي تحقيق للعدالة وانتصار على عادات وتقاليد جاهلية نأمل أن نتصدى لها في خطابنا الديني، وخطابنا التربوي وفعالياتنا الاجتماعية والثقافية.