لقد قضت مشيئة الخالق سبحانه وتعالى أن تكون الحياة الزوجية أساساً لنظام هذا الكون وعمارته والنواة التي ينبثق عنها سائر العلاقات البشرية في المجتمع لذلك فإن هذه الحياة تتطلب كياناً عائلياً تسوده الألفة والمحبة وقد يحدث أحيانا قصور في هذه الحياة بسبب أحد الطرفين مثل أن تكون الزوجة قاصراً وكلمة قاصرة تعني كل طفل أو طفلة لم يتجاوز الثامنة عشرة بموجب المادة الثانية من نظام اتفاقية حقوق الطفل التي تم اعتمادها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 44/ 25 المؤرخ في 2 نوفمبر 1989ه والتي تنص على ( لأغراض هذه الاتفاقية « يعني الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه ) . وبما أن زواج القاصرات له مفاسد عظيمة ومنها على سبيل المثال لا الحصر عدم التحقيق من قناعتها ورغبتها في الزواج بحكم سنها ، ومنها عدم تحقيق مقاصد النكاح الرابطة المقدسة من الإشباع العاطفي والجسدي ، ومنها أن زواج القاصرات يؤدي إلى اعتبارها سلعة يزداد ثمنها ويبخس إلى جانب ما قد يصيبها من أعراض صحية خطيرة نفسيا وجسديا او يؤدي للأمراض نفسية مثل الهستريا والفصام والقلق واضطرابات الشخصية واضطرابات العلاقات الزوجية ناتج عن عدم إدراك الطفلة « القاصرة « العلاقة الزوجية ويرجع ذلك الى غياب الوعي في فترات معينة من العمر لدى القاصرة يؤدي الى أنماط سلوكية خارجة عن الإرادة ينتج عنه حدوث المشكلات وقد أكدت التقارير على ذلك ولا يفوتنا الإشارة بأن زواج القاصرة سبب في حرمانها من حنان الوالدين وقتل طفولتها ومن خلال النظر الى الواقع نجد أن هذه الزيجات غالبا تقع تحت وطأة و طمع أو غصب من قبل أولياء القاصرة ، لذا فإني اقترح أن يمنع مأذوني الانكحة من إجراء أي عقد نكاح لمن دون سن الثامنة عشرة ، ولا يتم إجراء العقد على القاصرة إلا بحكم قضائي بعد النظر الى المصالح والمفاسد من زواجها وقد ذهب سماحة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتواه حيث قال ( الذي يظهر لي أنه من الناحية الانضباطية في الوقت الحاضر أن يمنع الأب من تزويج ابنته مطلقا حتى تبلغ وتستأذن ولامانع من أن نمنع الناس من تزويج النساء اللاتي دون البلوغ مطلقا فها هو عمر رضي الله عنه منع من رجوع الرجل الى امراته اذا طلقها ثلاثاً في مجلس واحد مع الرجوع لمن طلق ثلاثا في مجلس واحد كان جائزاً في عهد الرسول صلى الله عليه سلم وعهد أبي بكر وسنتين من خلافته الى آخر ما جاء في فتواه رحمه الله تعالى). ولما للقاضي السلطة التقديرية أرى ان يتم ذلك عن طريق نظر القاضي بعد تحققه من وجود المصلحة المعتبرة في ذلك ولنا في قانون الأحوال الشخصية الأردنية سلفاً حيث يمنع زواج القاصرات إلا بإذن القاضي بعد تحققه من وجود المصلحة في تلك الزيجة ، كما أقترح أن يتم دراسة هذا الأمر بطريقة علمية منضبطة حتى نخرج بقرار لأجيالنا ولحسن مستقبلهم . (*) محامي ومستشار شرعي وقانوني