يُعد تراثنا الشعبي جزءاً من موروثنا الثقافي الذي يجب المحافظة عليه وأعني بمفهوم المحافظة عليه هو أن يظل الموروث حياً بين ممارسيه إضافة إلى رعاية مبدعيه وهي بالطبع ليست بالمهمه السهلة لذا لا بد من تضافر الجهود من المهتمين بذلك الموروث العريق. ولعل الفن وهو يعد ذا ارتباط وثيق بالموروث الشعبي من خلال إيضاح صورته لم تجد الاهتمام البالغ، فمثلاً منطقة الفرات الأوسط نجدها غنية بالفن الشعبي والتراث الجميل المتشابه بأغانيه الجميلة ولباسه وألعابه، وأمثاله، إلا أنَّ هذا التراث لم يوثق منه سوى القليل، والسبب في ذلك يعود إلى أنه يخضع لعمل مؤسساتي أكثر مما هو عمل فردي ومن هنا فإن توثيقه توثيقاً صحيحاً لم يأخذ بعد مكانه الصحيح. وعندما نأخذ مثالاً واحداً من أمثلة ذلك الفن الجميل في موروثنا الشعبي ولتكن (الربابة) لوجدنا أنها تمثل فناً جميلاً بدأ يندثر مع مرور الزمن كما أن عازفي الربابة بدأوا في الاندثار. ويعتبر العزف على الربابة من الفنون القديمة عند سكان البادية والذين اشتهروا به ويجد البدو انفسهم دوما مع الربابة في مناسباتهم الاجتماعية والأعياد لذا فهي رفيقتهم قديما وبالذات في مسامراتهم ويكون معروفاً فيما بينهم عازف الربابة ليعزف لهم مقطوعاته حيث إن الكل يطرب لسماعها بل عرف عن بعض أبناء البادية اقتناؤها وبوضعها في مكان بارز في بيوت الشعر تعبيراً عن تمسكهم بموروثهم الشعبي العريق. في جزيرة العرب كانت الربابة تشكل عاملاً أساسياً في فنونها من خلال صنعها، حيث كان لها مختصون في الصنع، إذ أنها تتألف من صندوق خشبي مستطيل أو على شكل دائري كما هو سائد في العراق ومصر أو شكل بيضاوي كما في المغرب ويقوم العازف عليها بالعزف الخاص الذي هو المسحوب والهجيني كما هو في الجزيرة العربية وخصوصاً في شمالها، ومن هنا فإننا نجد أن الربابة هي أكثر محاكاة للحن وتناسقاً معه كما قال الحسين بن زيد المتوفى عام 440 بأن (الربابة هي أكثر من غيرها محاكاة للحن وتناسقاً معه) وللربابة فن خاص في الصنع إذ إن أجود أنواعها مايصنع من جلد الذئب وهذه صناعة تبين مدى اهتمام حرفيو صناعتها في جودتها وجودة صوتها، وهذا مما لاشك فيه دليل على الاهتمام بعملية الصنع تلك. تبقى آلة الربابة فناً يعيد ذاكرتنا إلى ذلك الزمن الجميل، زمن اللحن القديم بصوته العذب الذي له تأثير بالغ عند سماعه. أخيراً: خذ من خيوط الليل وانسج بها الضي خل الغرام العذب يسهر مع سهيل لم الهشيم اللي تكسر معي في ناظر عيونِ بالحزن دمعها سيل