يستقطب موضوع التنافسية اهتماماً متزايداً يوماً بعد آخر، ويدعى المعنيون بالشأن الاقتصادي كثيراً لتناوله بالبحث والمناقشة، وما انعقاد منتدى التنافسية الدولي في دورته الرابعة هذه الأيام في مدينة الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين، وتأسيس المركز الوطني للتنافسية من قبل الهيئة العامة للاستثمار قبل عدة أعوام لدعم جهودها في الوصول بالمملكة إلى مصاف الدول العشر بحلول هذا العام من حيث القدرة التنافسية لمناخ الاستثمار وجاذبيتها لأداء الأعمال، وكذلك شروع مدينة الرياض في تأسيس مركز الرياض للتنافسية للإسهام في رفع تنافسية المدينة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية إلا تجسيد واضح لهذا الاهتمام. وكما هو معروف أن تصنيف دول العالم وفقاً لتنافسية اقتصادياتها تصدر في شأنه تقارير دولية تعنى بهذا الجانب، وتبنى تلك التقارير على أساس عناصر محددة للتنافسية يتم جمع البعض منها من نشرات وتقارير المؤسسات الدولية مثل صندوق الدولي، والبنك الدولي، أما البعض الآخر فيتم جمعها من خلال استطلاعات الرأي في أوساط رجال الأعمال، وبالتالي يجري تحديد موقع اقتصاد أي دولة في سلم التنافسية على أساس هذه العناصر التي تمثل مؤشرات لقياس هذا الجانب. ومؤشرات التنافسية تلك مركبة من اثني عشر عنصراً تم تحديدها من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي، باعتبار أن الدراسات العالمية تؤكد أنها هي من يؤدي إلى تحقيق التنافسية بين اقتصاديات العالم، وتلك المؤشرات الاثنا عشر تتمثل في كل من: البنية المؤسسية للدولة، البنية التحتية الاقتصاد الكلي، الصحة والتعليم الأولي، التعليم العالي والتدريب، جودة سوق السلع، كفاءة سوق العمل، درجة تطور السوق المالية، الاستعداد التقني، حجم السوق، تطور وخبرات قطاع الأعمال، وأخيرا الابتكار. ماهو لافت للانتباه في الدورة الحالية لمنتدى التنافسية الدولي هو تخصيص إحدى جلساته الرئيسية لطرح ومناقشة موضوع الجيل الجديد من مؤشرات التنافسية خلاف المؤشرات التي سبق الإشارة إليها في ذات الوقت جرى في إعداد برنامج المنتدى تخصيص جلسة رئيسية أخرى تعنى بموضوع التشكيل الفراغي لبيئة العمل أو ما أطلق عليه في عنوان الجلسة الفن المعماري ورفع القدرة التنافسية بمشاركة نخبة ممن دعتهم الجهة المنظمة للمنتدى لمناقشة هذا الموضوع، انطلاقاً من اعتبار أن التصميم المعماري هو من مؤشرات الجمال في المدن وبالتالي إمكانية أن يكون لتصميم المنشآت في المدينة وحيزها الفراغي دور في رفع درجة الإبداع، ومن ثم قدرة المدن التي تتميز في هذا الجانب على منافسة غيرها من المدن الأخرى، واستطاعتها إيجاد بيئة ملائمة لتحفيز الابتكار والإبداع ومن ثم النمو الاقتصادي، يعزز من هذه النظرة وجود بيئات عمرانية تسهم في الابتكار على نحو أكثر من غيرها في هذا المجال، يضاف إلى ذلك أن تصميم المدن يمكن أن يكون أيضاً دافعاً للتنمية الاقتصادية المستدامة. إن الربط بين موضوعي تلك الجلستين يوحي للذهن أن عنصر التشكيل الفراغي لبيئة العمل يمكن أن يكون واحداً من عناصر الجيل الجديد من مؤشرات التنافسية التي سيجري أخذها في الاعتبار عند تصنيف دول العالم ومدنه في سلم التنافسية بين اقتصادياتها مستقبلاً.