لاشك أن الفن الحقيقي والإبداع الصادق سوف يصلان الينا دون مواربة أو تخفّ لان الصدق الذي يحمله ذلك الفن أو ذلك الإبداع هو الذي يطرق أبواب العقول والقلوب فيدخل إليها دون صد ودون استئذان. منذ ( مبطي ) كما يقول أحد الاصدقاء وظننته للوهلة الأولى يقولها بخفة دم وإذا المفاجأة بإصرار على أنها سليمة من العجمة أو العامية منذ زمن طويل وهذا الفنان الحقيقي صاحب الكاريكاتير في جريدة الرياض خفيف الظل والوزن عبدالسلام الهليل يمتلك القدرة على الاختصار الذي لا يفقد الموضوع المراد مناقشته.. ذلك الدفء وذلك الوهج اللذان يصلان الى القارئ أو بالأصح القارئ المشاهد لأن فن الكاريكاتير هو القراءة والمشاهدة في آن واحد فمنذ زمن سحيق والرغبة الكامنة في قتل الفقر تأخذ أشكالاً متعددة وأصبحت الدول تتفنن في برامج وخطط (القتل) والقتل هنا مباح ولا غبار عليه فالهدف هو إزالة الفقر من المجتمعات وأعتقد أن المجتمعات التي وهبها الله يسراً من مال ومن نفط ومن مصادر دخل متنوعة لابد وأن يكون من أبسط مهامها إيجاد فرص العيش والإبداع والإضافة الى مواطنيها وبالتالي فإن فكرة هزيمة الفقر لابد وأن تصبح من أبسط التحديات طالما هناك فائض من رزق قد يتعدى خيره الى أمم في الشرق والغرب - ولا حسداً ومنّة - هذه الخطط أصبحت سياسة للدولة ونهجاً واضحاً وجلياً ، بل إن تلك الإعلانات التي نراها في الطرق الداخلية والخارجية تشعرك أن هناك خطة محكمة لقتل الفقر وهو كما قلت سابقاً القتل الوحيد المباح والمشروع في زمن القتل الدولي والقتل المعنوي والمادي لكل مبهج وحقيقي ويود الحياة الكريمة والحرية المسؤولة لكل الناس دون أن تكون لفئة دون أخرى. ولعل تلك المقولة الرائعة ( لوكان الفقر رجلاً لقتلته) تؤكد لنا الوجه الآخر للغنى هو الفقر وكأن هذه اللعبة الثنائية ستظل ممتدة مدى الحياة. حين شارك الهليل في صراع الحياة المستمر بين الفقر والغنى رسم مواطناً فقيراً ومحتاجاً وهو يستلم جائزة والجائزة عبارة عن ساعة حائطية ضخمة وكأن هذه الثواني والساعات والدقائق انما تحسب عمره الموغل في الحاجة والفقر . لكنه بهمس قاتل كان يقول وكأنه يخشى أن تسترد ساعة الحائط قال بحزن شفيف: ياريت الفرحة تكمل فأنا لا أملك حائطاً !. هذا هو الفن البسيط والتلقائي امنحوا المواطن جداراً يعلق فيه صورة أبنائه وأحفاده ، حائطاً يكتب فوقه هواجسه وأحلامه امنحوه وطناً يفتخر به بدءاً من منزل يحتويه ويدافع عنه ويموت من أجله ومن أجل الوطن الكبير . تحية من القلب لكل المبدعين والذين يضيفون لونا مبهجا لوطن نحبه .. وسلامتكم