كثيراً ما أستعرض في ذهني صورة وشخصية الأخ والصديق الفقيد الغالي «عبدالعزيز بن عبدالله بن تركي السديري» فأشعر بأسىً بالغ لمجرد الشعور بأن ذلك الإنسان الرائع في شخصه وفي أدبه وعلمه قد رحل عن عالمنا هذا، إنه الشعور الذي لابد أن ينتاب كل إنسان يفقد عزيزا عليه فإن دنيانا هذه ليست سوى دار عبور لا دار قرار. فالفقيد الغالي بما يتميز به مما وهبه الله من خُلق وحسن تعامل مع الآخرين من قريبين أو بعيدين تعتبر رفقته كسباً كبيراً، فبالإضافة إلى لطف المعشر فقد كان رحمه الله يحمل حصيلة وافرة من العلم والإدراك بحكم ظروف عمله وتنقله في مناطق عديدة من بلادنا وكذلك مجالسته لوالده «العم عبدالله بن تركي السديري» رحمه الله إذ إنه من ذوي الخبرة والتجربة العميقة التي اكتسبها ممن سبقوه وبحكم من عاصره مما مر بمناطق بلادنا من نوازل وأحداث تاريخية وما نجم عنها إلى أن تمكن بعدها المؤسس الكبير عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود من توطيد دعائم الوحدة والأمن في مختلف أرجائها الواسعة. ومما أتذكره أن والدي «خالد بن أحمد السديري» كان شديد الإعجاب بالعم «عبدالله بن تركي السديري» بالرغم من فارق السن بينهما آنذاك لما تحفل به ذاكرته من ثروة قيمة من المعلومات عن أحداث المنطقة المهمة وكذلك تاريخ أسرتنا الأمر الذي حمل والدي للقيام بزيارته كلما تواجد في الرياض حاملاً معه جهاز تسجيل «ليفرترف» يسجل بواسطته ما استطاع وساعده الوقت من ذاكرة العم عبدالله القوية من أحداث الماضي وتحولاته المختلفة. فخلال تلك الفترة كنت كلما أزدادت أواصر الصداقة بيننا أحسست بندم بالغ لكوني لم أعرفه حق المعرفة من قبل وسبر أغوار ما تنطوي عليه روحه الطيبة من مودة صادقة للآخرين ورضا نفسي واطمئنان وحكمة بالغة وذلك لاختلاف مسارات حياة كل منا. وكان مما يزيدني محبة له وتقديراً أثناء تواجده بيننا أو بعد وفاته أسلوب تربيته ورعايته لأبنائه البررة وأكبرهم الدكتور توفيق وأخوته ممن شقوا طريقهم في درب العمل والحياة بامتياز ملحوظ، فأنا أعتبرهم جميعاً مفخرة ليس لوالدهم رحمه الله بل لي ولأسرتنا كافة ولمجتمعنا وبلادنا الغالية.