كما أن هناك مقاهي عديدة في مصر للفنانين والمثقفين والادباء والصحفيين فهناك أيضا العديد من المقاهي الخاصة بالحرف والمهن الشهيرة، فهناك مقهى الحلاقين والطباخين والكبابجية والآلاتية والحانوتية والنجارين والموظفين. معظم هذه المقاهي والتي تقع في وسط البلد مازالت تقاوم التطور والحداثة وتحتفظ بوجودها وسحرها الخاص بها ونوعية روادها دون تغيير كبير خاصة إذا عرفنا بان هناك مقاهي تجاوز عمرها قرنا من الزمان ومازلت تحتفظ برونقها االذي اشتهرت به وسط روادها. مقهى " ريش " والمقاهي قديما وحديثا في مصر يرتادها المثقفون والأدباء والسياسيون وأصحاب المهنة الواحدة وكذلك العامة وكانت لها أهمية خاصة حيث تدار فيها حلقات علمية وندوات ثقافية وتخطط فيها سياسات وتؤخذ بين جدرانها قرارات مهمة. ولا شك ان لهذه المقاهي اهمية تاريخية بالغة خاصة قهوة "ريش" التي تقع بشارع " طلعت حرب " بوسط القاهرة والتي اشتهرت قديما بتوافد كبار المشاهير من الكتاب والمثقفين والصحفيين والشعراء وكبار الفنانين بصفة يومية يتبادلون الأحاديث في السياسة والاقتصاد وهموم المجتمع المصري. ولقهوة " ريش " تاريخ طويل حيث تم انشاؤها عام 1908 وفي عام 1992 ضرب زلزال القاهرة الشهير وأصاب المقهى بشروخ فرضت ترميمها وتم خلال عمليات الترميم اكتشاف دهليز صغير يؤدي الى مخزن قديم توجد به العديد من المنشورات التاريخية. ومن ابرز المشاهير الذين كانوا يترددون على مقهى " ريش " نجيب محفوظ حيث يذكر انه كتب قصة الكرنك كلها على اريكة بداخلها، ويوسف ادريس وأمل دنقل ويحيى الطاهر عبدالله وأبو سنة وعفيفي مطر وابراهيم فتحي وابراهيم منصور ونجيب سرور وأبو عوف وغيرهم كثيرون من نجوم الثقافة والفن القدامى. وفيها أيضا غنت أم كلثوم أولى أغانيها بعد قدومها من قريتها طماي الزهايرة بالدقهلية الى القاهره كما غنى فيها اغلب مشاهير الغناء والطرب المصريين القدامى. مقهى المخرجين والفنانين *وفي شارع القصر العيني توجد مقهي فيينا ومعظم زبائنها من المخرجين المسرحيين والفنانين الكبار حيث يقع أمامها مباشرة مسرح السلام ويقول بدر، احد العاملين بالمقهى، ان هذه المقهى جلس ويجلس عليها كبار الفنانين والصحفيين ولكن معظم روادها من المخرجين المسرحيين وذلك بسبب وجود مسرح السلام، هذا فضلا عن ان هناك كبار الفنانين الذين يجلسون على المقهي من امثال الفنان سعيد صالح والفنان مدحت صالح وعلي الحجار ومحمد الحلو مضيفا ايضا بان هناك العديد من اعضاء مجلس الشعب والشوري يجلسون على المقهى، فمن الزبائن الدائمين النائب الشهير رجب هلال حميدة عضو مجلس الشعب والنائب عبدالله كمال عضو مجلس الشوري ورئيس تحرير جريدة روزا اليوسف . مقهى المعلمة حلاوتهم *أما مقهى (حلاوتهم ) التي تتخذ من شارع محمد علي بالقاهرة مقرا لها فهي معروفة بان معظم من يجلسون عليها من الآلاتية والعاملين بالفرق الموسيقية، ويقول محمد فؤاد وهو يعمل عازفا، ان مقهى حلاوتهم من المقاهي التي اشتهرت بأن كل من يجلس عليها هم من العازفين وعاشقي الآلات الموسيقية، وعن سبب التسمية يقول فؤاد ان صاحبة المقهى هي المعلمة حلاوتهم، وانها قد شهدت من كبار الموسيقيين الذين أدمنوا الجلوس في هذه المقهي من أمثال الفنان الراحل عبد الحليم حافظ عندما صور فيلم شارع الحب كما كان يجلس عليها الراحل حسن أبو السعود نقيب الموسيقيين الاسبق والفنانة تحية كاريوكا ومحرم فؤاد أما الآن فمعظم زبائنها من الفرق الموسيقية التي تعمل في الأفراح الشعبية . مقهى للكبابجية * ومن مقهى المثقفين وكبار الفانيين والأدباء الى مقاهي أصحاب المهن الشهيرة في مصر ففي ميدان العتبة يوجد مقهى خاص بالكبابجية لأن معظم زبائنها من الكبابجية في المنطقة، ويقول منصور خفاجي شيخ الكبابجية في مصر إن هذه المقهى كانت محل كبابجي قبل ان يقوم صاحبها بتحويلها الى مقهى يجتمع عليها هو وأصدقاؤه الكبابجية ومن هنا أصبح معظم روادها من اصحاب محلات الكباب في مصر . ومقهى الحانوتية والفرانين *وفي السيدة زينب يوجد مقهي خاصة بالحانوتية ويقول الشيخ حسن العريف شيخ الحانوتية في مصر ان هذه المقهي معظم زبائنها من الحانوتية القدامى ويجتمعون عليها مرة في الصباح للإفطار قبل بدء العمل ومرة في آخر اليوم لكي يتسامروا ويتحدثوا عن أحوال المهنة .كما أشار العريف ان مهنة الحانوتية اختلفت عن الماضي بسبب الدخلاء عليها الذين يفتقدون لأبسط قواعد المهنة موضحا بان هناك في القاهرة الكبرى 12مكتبا فقط معترف بها أما باقي الحانوتية فهم يعملون بدون تصاريح . *وفي شارع كلوت بك بوسط البلد توجد مقهي للفرانين ولديها شيخ الفرانين ويدعى الريس محمد عروبة الذي يقول ان هذه المقهي موجودة من أكثر من 50عاما ومعروفة بأنها مكان مميز يتجمع فيه الفرانون ويأتون الى المكان قبل العمل لقاءات بين اصحاب المهن لتدارس الهموم المشتركة وبعده ويشير عروبة إلى أنه مسؤول عن العاطلين في مهنة الفرانين من توفير فرص عمل لهم والعمل على حمايتهم من بطش أصحاب الأفران .. ويقول احمد رشدي - ويعمل فرانا - انه عمل من خلال المعلم عروبة ويتقاضى اجرا قدره "40 " جنيها يوميا . مقهى الطباخين والحلاقين *الأمر نفسه ينطبق على مقهى الطباخين المجاورة لقصر عابدين، فمعظم زبائنها من الطباخين المشاهير يلتقون في المقهى في فترات متقطعة، ويقول محمد هاني أحد الطباخين ان المقهي اختلفت عن زمان فكان يلتقي عليها كبار الطباخين الذين كانوا يعملون في قصور الأمراء والباشوات والأثرياء، أما الآن فصار قدامى الطباخين يلتقون في المقهى في فترات متقطعة يتحدثون عن مشاكل المهنة ويشكون من الدخلاء الذين أفسدوها وأصبحت مهنة من لا مهنة له. * وللحلاقين مقهى أيضاً يتقابلون عليها كل يوم اثنين فقط، وهو يوم الراحة الأسبوعية بالنسبة لهم. وتقع المقهى في شارع نجيب الريحاني في وسط البلد قرب متاجر مستلزمات أدوات الحلاقة، ويتجمع العاملون في المهنة من أنحاء القاهرة ، ولهم شيخ هو فتحي أبو السعود حيث ورث المهنة عن الجد والوالد. ويرجع تاريخ هذه المقهي الى عام 1939 ومنذ هذا التاريخ وهي معروفة بمقهى الحلاقين، ومنها خرجت قوانين الحلاقة. ويقول ابو السعود شيخ الحلاقين إنه مسئول مسئولية كاملة عن توفير فرص للحلاقين فأي محل حلاقة يرغب في صبي يأتي إليه ويأخذ صبيا. " الكوفي شوب " بديل غير مناسب ويؤكد الدكتور محمد نجيب أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان ان مقاهي اليوم اختلفت كثيرا ففي الماضي لم تخرج عن 3 فئات مقاهي المثقفين بوسط البلد، ومقاهي الأحياء الشعبية التي تلبي حاجات اجتماعية لروادها، ومقاهي الحرفيين التي كانت تمثل مكتب تشغيل وتجميع لأصحاب الحرف المختلفة وفيها يتم مناقشة جميع مشاكل الحرف والمهن خاصة أن المهن والحرف في مصر أصبحت تعاني من شبح البطالة ولذلك فهم يتخذون من المقاهي الخاصة بهم مكانا لتفريغ همومهم اليومية ،خاصة ان هناك العديد من المهن والحرف ليس لها نقابة ، الأمر الذي فرض أن يكون لكل حرفة شيخ أو ريس لها يعمل على حل مشاكلها. بينما أشار نجيب إلى أن هناك بعض المقاهي و" الكوفي شوب " اليوم اتخذت أبعادًا جديدة تتسم بقدر كبير من الريبة والشك لما يحدث داخلها من أنشطة واتفاقيات سواء بالنسبة للرواد أو صاحب المكان تدخل في باب الفساد، كتوزيع المخدرات وغسيل الأموال الأمر الذي جعل المقاهي تفقد دورها الذي لعبته في القرن الماضي .. المقاهي تقدم الشاي والقهوة وفرصة اللقاء