ما هي العلاقة بين تقلب المزاج وروح المرح؟ وهل يمكن أن يكون الإنسان أمام الآخرين مرحا ضاحكا مازحا وله لحظاته مع ذاته من الحزن والاكتئاب؟ وهل يعني ذلك أن لذلك الشخص وجهين؟ كل هذه الأسئلة تواجهنا خاصة إذا ما شاهدنا بعضا من الكوميديين خفيفي الظل، فنتساءل هل يا ترى لهذه الفئة لحظات من الأسى والحزن وربما الاكتئاب ؟ والإجابة بالطبع نعم .... والفضل في ذلك يعود إلى عملية فكرية نفسية ُتسمى الاستبطان التي تجعلنا على وعي بمشاعرنا وأحاسيسنا أو ما نسميه القدرة على أن نكون على صلة بما نشعر به In touch with your feelings، قلة نادرة من تستطيع أن تصل إلى مرحلة الحس بما تشعر به في اللحظة وأن لا تكون المشاعر مجرد شحنات انفعالية تفلت من روح وقلب وفكر الشخص دون وعي وإلمام بها. جراهام Graham كان بروفيسوراً جامعياً مبدعاً لمادة التاريخ ولقد نشر العديد من الكتب المشهورة في التاريخ وكان يشرح الحرب العالمية لطلابه بطريق فكاهية ظريفة رغم كل ظروف الحرب المأسوية . ورغم ذلك يعترف جراهام أن له لحظاته من الحزن والاكتئاب وكره الحياة. وهذه الصلة بين روح المرح ولحظات الحزن والاكتئاب موجودة حتى عند أكثر الممثلين المشهورين بخفة الدم من أمثال شارلي شابلن Charlie Chaplin وجورج كارلين George Carlin وريتشارد بريور Richard Pryor وبروس ليني Lenny Bruce. مثل هؤلاء الممثلين الكوميديين والمشهورين اعترفوا بأن لديهم لحظات مؤلمة من الحزن رغم كل ما يظهرونه من روح المرح والفكاهة والكل يعترف بأن له خبراته المؤلمة والفرق بينهم وبين الآخرين هو قدرتهم على النظر للأمور من زاوية أخرى وعلى تحويل الألم إلى مرح وفكاهة، وأعتقد أن هذه قدره نادرة والقليل من يمتلكها، فسبحان من خلق الانسان ومنحه نعمة التأمل الذاتي وإدارة مشاعره وانفعالاته المختلفة.