منذ بداية التسعينات وبسبب الوفرة المالية شهدت المملكة نهضة شاملة في التنمية، ومن بين ذلك ما قامت به من توفير قطع من الأراضي تمنح للمواطنين لبناء مسكن خاص عليها، ثم جاءت فكرة إنشاء صندوق التنمية العقاري بهدف مساعدة المواطنين على بناء المساكن الخاصة وفقاً لمتطلباتهم وأذواقهم، وقدمت هاتان التجربتان دفعة قوية للتنمية الإسكانية في كل مدن وقرى المملكة. أما الآن وفي ظل التطورات الإيجابية الجديدة التي تتعلق بالأنظمة والتشريعات الخاصة بالتنمية العقارية مثل نظام الرهن العقاري ونظام البناء والسماح بالاستثمارات الخليجية والأجنبية، وفي ظل ما هو ملاحظ من أن كثيراً من سكان المملكة لا يملكون مساكن خاصة، وأن أغلبهم من فئة الشباب حيث يقدر البعض أن البلاد بحاجة إلى نحو مليون وحدة سكنية خلال الخمس سنوات القادمة أي بواقع 200.000 وحدة سكنية في العام الواحد، مما يششير إلى أننا على مشارف أزمة سكنية بدأت بوادرها في الظهور، ويتطلب مواجهتها والخروج منها إلى التركير على طريقة البناء باختيار السكن الميسر من خلال بناء المجمعات السكنية الكبيرة وعملية التمويل التي تحتاج إلى إعادة النظر لدعم المشاريع الإسكانية لأن التمويل يمثل أحد الحلول المهمة للخروج من الأزمة الاسكانية. ومن الملاحظ أن الفرد مهما كانت قدرته المالية ومهما أعطي من قروض بأشكالها المختلفة فإنه لا يملك المعرفة التامة بمراحل البناء وهو يقوم بشراء المواد بالتجزئة مما يزيد في الكلفة، وقد يخرج في النهاية وهو مثقل بالديون والهموم ببيت لا يحقق طموحه وأحلامه. لهذا ومن الصواب أن نتخلى عن البناء الفردي ونتوجه لبناء المجمعات السكنية الكبيرة وأن نؤثر إعلامياً في ثقافة المواطن للقبول بالسكن الميسر الذي يوفر الاحتياجات الضرورية وليس الترفيهية. وتحقيقاً للفائدة نرى أن يكون هناك نظام لدى الصندوق العقاري بدعوة شركات المقاولات لبناء وحدات سكنية مجمعة لا يقل كل مجمع عن ألف أو ألفي وحدة ثم تقوم شركات المقاولات ببيع الوحدات على شركات التمويل بحيث يحول البنك العقاري المواطن بقرضه على شركات التمويل التي تقوم بأخذ القرض كدفعة وتقسيط الباقي على المواطن وفق آلية خاصة برهن العقار بين البنك وشركات التمويل في حدود قيمة للوحدة يتفق عليها وبهذا نضمن الآتي: - شراء المواطن لوحدة سكنية ميسرة تؤمن حاجته الضرورية للسكن بسعر معقول. - تأمين سكن جاهز بدلاً عن إعطائه قرضاً يقوم ببعثرته. - التيسير على المواطن بعدم تعرضه لعناء بناء وحدة سكنية بنفسه كما أن شركات المقاولات يمكنها استعمال المباني الجاهزة واستغلال التقنيات الحديثة التي توفر الوقت والمال وتقلل من التكلفة عند بناء المجمعات وتعطي منتجاً جيداً لا يستطيع المواطن أن يحققه عند قيامه ببناء وحدته على مسؤوليته الخاصة. * رجل أعمال ومستثمر عقاري