المستوى الفني المهاري للاعب نواف التمياط ليس هو المبرر الوحيد الذي يجبرنا على الكتابة عنه في هذا المقال بالتزامن مع موعد الوداع و التكريم. تلك المهارات الفنية التي امتلكها نواف التمياط امتلكها غيره من اللاعبين محليا و دوليا الفرق وهو في الأخلاق، و الروح الرياضية، و الإسهام في الإعمال الخيرية و الاجتماعية. نحن نبحث عن الانجازات، و الأداء المتميز في أي مجال لتقدير أصحابها وإبراز الجوانب و السمات الشخصية و الفنية التي تجعل الشخص مؤهلا لتكريم المجتمع. و في المجال الرياضي، و تحديدا كرة القدم كان نواف التمياط أحد اللاعبين من الجيل الجديد الذي تمكن بمواهبه و قدراته من القفز عبر درجات النجاح ليصل في زمن قياسي إلى تمثيل الفريق الأول بنادي الهلال ثم تمثيل المنتخب الوطني. لم يكتف نواف بذلك بل حصل على جوائز كثيرة أبرزها جائزة أفضل لاعب آسيوي. و في حياته الكروية الكثير من التفاصيل الفنية التي نتركها للمختصين. ما يهمني هنا هو الجانب المشرق للرياضة حين يمثلها أفراد من عينة نواف التمياط. هذا النوع من اللاعبين يخدم أهداف الإدارة، و خطط المدرب و يساهم في تحقيق طموحات زملائه و يفعل كل ذلك بدوافع ذاتية و طموح مدفوع بقوة الانتماء و رغبة صادقة في العطاء. يدعم كل ما سبق رقابة ذاتية صارمة و عزيمة تستحضر النماذج الرياضية المتميزة في أدائها و أخلاقها لتكون قدوة و نموذج يحتذى. في إطار تلك الرقابة، و العزيمة اتخذ نواف القرار الأصعب حين قرر الاعتزال رغم صغر سنه، و رغم شعبيته و نجوميته التي تدفع بالنجم أحيانا إلى التأجيل و لكن نواف كانت لديه الحيثيات المقنعة له ليقرر الاعتزال و في نفس الوقت يحافظ على علاقاته الطيبة مع الجميع فهو مثلا لم يتهم أحدا بتعمد إصابته و استمر في التفاعل الاجتماعي مع أعمال الخير و المشاركات الإنسانية و استثمر نجوميته في الاتجاه الصحيح. لهذا السبب فإنّ ابتعاده عن الساحة الخضراء لن يبعده عن قلوب الناس و نواف هو أحد النماذج التي يتفق حولها الجمهور باختلاف ميولهم. هذا الإجماع لا يحصل بسبب المهارات الفنية بل بسبب المهارات الأخلاقية. وفي تاريخ الرياضة نماذج رياضية مبدعة في الجانب الفني في ميادين الرياضة المختلفة مثل الألعاب الأولمبية، و التنس الأرض، و كرة السلة، و كرة القدم و غيرها. لكنهم بالمعايير الأخلاقية لا يكسبون تأييد الجمهور بسبب سلوكيات غير مقبولة لا تنهي مسيرة اللاعب الرياضية فقط بل تضع له ملفا أسود في ذاكرة الرياضيين. و عندما نتحدث عن الرياضة بشكل عام كمرآة تعكس تطور المجتمع و أخلاقياته فإنّ الروح الرياضية هي أحد المعايير الموجودة حتى قبل وجود "الفيفا"، وقد كان نواف التمياط يمارس الروح الرياضية قولا و عملا و يتنافس مع الفريق الآخر داخل المستطيل الأخضر فقط و بعد اللقاء يتنافس مع الجميع في ميدان الأخلاق و العطاء.