دعا إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ في خطبة الجمعة أمس المجتمع ووسائل الإعلام التصدي بقوة لجريمة الرشوة , بفضح مرتكبيها والتشهير بهم وعدم التخاذل والسكوت عنهم , محذرا في ذات السياق من استغلال المناصب للمصالح الشخصية والاختلاس من الأموال العامة , كما ناشد أجهزة الرقابة التشديد في المتابعة والمساءلة وتفعيل سنة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ومبدؤهم وشعارهم في المحاسبة " من أين لك هذا ؟ ". واستدل فضيلته بعشرات النصوص القرآنية والأحاديث النبوية ومأثورات الخلفاء والسلف الصالح رضوان الله عليهم التي تحرم الرشوة وتؤكد شناعة الفساد المالي وانعكاساته الخطيرة على الفرد والمجتمع وأهمية التعاون والتكاتف والتضافر لاجتثاث هذا الجرم الخطير. وأضاف : الواجب على كل ذي مسؤولية وعلى المجتمع ككل وعلى الإعلام أن يتصدى لهذه الجريمة البشعة بفضح صاحبها والتشهير به ومعاقبته بالعقاب الرادع الزاجر فربنا جل وعلا يقول " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون"وإلا فالويل ثم الويل لمجتمع لا يتناهى عن الرشوة ولا يتعاون على محاربتها واجتثاثها من أصلها روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر فيهم الرشاء إلا أخذوا بالرعب " إنها معجزة لمحمد صلى الله عليه وسلم . وقال فضيلته : من الجرم العظيم والإثم المبين استغلال المناصب للمصالح الشخصية والاختلاس من الأموال العامة قال تعالى " ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة " ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول " من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأت به يوم القيامة " وخاطب إمام وخطيب المسجد النبوي من ابتلي بالرشوة قائلا : كيف تغدر أيها المسلم بالأمانة التي استرعاك الله عليها ؟ وحذرك الرسول صلى الله عليه وسلم من ضياعها , وقد خولك ولي الأمر إياها ! تب في هذه الدنيا قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم , اعلم أيها العبد أنك ستوقف للحساب فليتق الله كل منا وليطب مطعمه ومكسبه فإنه لن يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به كما ثبت ذلك , ولنحذر من تهافت الناس على الحرام فذلك لا يجدي علينا شيئا لقد حذر نبينا صلى الله عليه وسلم من زمان كزماننا هذا قال :" ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أمن الحرام " , وقال عياض : " و الله لإن أشق بالمنشار أحب إلي أن من أن أخون فلسا أو أتعدى ". وأضاف : الواجب المتحتم والفرض اللازم على أجهزة الرقابة أن تتقي الله جل وعلا وأن تبذل جهدها في مراقبة كل صغير وكبير وأن تحاسب كل جهة مسؤولة عن مشروع محاسبة متناهية الدقة في الجليل والحقير باذلة أوجه التنقيب والمساءلة في كشف الحقائق وإظهار مواطن الزلل والخلل والفساد , إن مبدأ من أين لك هذا ؟ سنة نبوية وسنة الخلفاء الراشدين من بعده فقد حاسب النبي صلى الله عليه وسلم من ولاهم , وفي " الإصابة " أيضا أن أبا هريرة رضي الله عنه كان عاملا لعمر على البحرين فقدم بعشرة آلاف فقال له عمر : استأثرت بهذه الأموال - مع أنه رضي الله عنه لم يجعل هذا المال في الخفاء بل أعلم به عمر- فمن أين لك ؟ فقال أبو هريرة : خيل نتجت , وأعطيت تتابعت , وإخراج رقيق لي , فنظر عمر ثم حاسبه محاسبة دقيقة فوجدها كما قال , ثم دعا أبا هريرة ليستعمله مرة أخرى فأبى رضي الله عنه.