بكل تأكيد سيؤيد الجميع غضب ذلك المواطن عندما سمع تلك الكلمات من مقيم يعمل بأحد شركات التامين كإجابة شافية لرفض المواطن استلام مبلغ اقل من المبلغ الذي قرره المرور كتكلفة إصلاح لحادث ارتكبه احد المؤمن عليهم! ولكننا سنصدم عندما نرى سرعان مايتحول شموخ ذلك المواطن الى رضوخ مثير للشفقة وليقبل بالمبلغ الذي قررت الشركة دفعه وليتنازل عن حقه الذي كفله النظام! فما الذي اجبر ذلك المواطن وغيره على قبول ذلك الموقف الانهزامي؟ فالمعرفة بالحقوق لاتكفي للاعتراض إذا لم تكن واثقا بأنك تستطيع الحصول على حقك! فعندها سيكون الجاهل بحقوقه أفضل حالاً منك! فعلاوة على متاعب البحث عن مقر الشركة وعدم صرف قيمة الإصلاح كاملة فإن التعويض عن الإصابات تتم المماطلة فيها حتى ييأس المصاب، وإذا كان المرور قد سارع بتأييد مطالبات شركات التامين لتغيير وثيقة التامين الى المركبة، فإننا لانجد الجدية في الإلزام بصرف تكاليف الإصلاح، فكل ماقام به سابقا هو إيقاف قبول وثائق بعض الشركات اعتقادا بأنه قد عاقبها في حين انه خدمها وعلى حساب مواطنين لديهم وثائق كانت مقبولة أثناء تجديد الاستمارات ومرفوضة عند وقوع الحوادث! لُتعفى الشركات ويسجن المواطن ويدفع التكاليف وكأنه قد ارتكب خطأ! فالمرور يرى بأنه ليست له سلطة على الشركات! هنا من المسؤول عن عدم حصول المتضرر على حقوقه: هل هي شركات التأمين أم المرور الذي ألزم الجميع بالتأمين وباشر الحوادث وحدد المتسبب؟ ثم من هي الجهة التي تلزم شركات التأمين بصرف كامل قيمة الإصلاح الذي تم تقديره على أساس قطع غيار تجارية وفي ورش متواضعة محددة سلفا؟ في الحقيقة شركات التأمين مارست أساليب هضم الحقوق لكونها فهمت الطريقة التي سيلجأ إليها المتضرر والوقت الذي سيخسره والمتاعب التي سيواجهها عند مراجعاته للجهات المختصة للحصول على مبلغ قد يرى المواطن انه لايستحق أن يتحمل بسببه كل تلك المتاعب! إننا سنتجاوز مماطلات شركات التأمين في حوادث المركبات التي تتعلق بالمال الى ماهو أهم وهو مايتعلق بالصحة ومماطلتها لمعاملات التأمين الصحي الذي أصبح ظاهرة تشتكي منها المراكز الصحية والمستشفيات بتأخر صرف الشركات لفواتيرها، فبعض المستشفيات أصبحت تعطي الأفضلية في الدخول على الطبيب لمن يدفع نقدا على من يحمل وثيقة تأمين صحي وكأنها ستعالجه مجانا! بل انه على الرغم من أن الوثيقة موضح فيها حدود التغطية إلا انه قد تم إلزام المريض بالانتظار لحين تلقي المستشفى موافقة الشركة على العلاج وإجراء التحاليل و..الخ! السنا نتميز بذلك الخلل بسبب عدم تفعيل الرقابة وتطبيق أنظمة أُجتهد في إعدادها! ثم لماذا يتحمل المواطن الذي ليس لديه تامين صحي مبالغ أضافتها المستشفيات برفع أسعارها لتغطية تكلفة تأخر الشركات في سداد مستحقاتها؟ إن الأمر يتطلب تحديد آلية واضحة تلزم شركات التأمين بسداد قيمة الإصلاح فور تلقيها تقرير المرور، وبحيث يكون الاعتراض إذا كان مبررا على المرور وليس على طرفي الحادث باعتبار أنه من اعد التقرير، والاهم توحيد فئات وثائق التأمين الصحي بجميع الشركات وبحيث تُلزم الشركات والمستشفيات بالعلاج وفق الوثيقة وبدون الحاجة للرجوع للشركة للموافقة على العلاج، ويجب أن تتيح مؤسسة النقد إمكانية ممارسة المرور ومجلس الضمان الصحي لسلطة تحويل مستحقات المواطنين والمستشفيات من قيمة الوديعة النظامية لأمر المؤسسة الى حسابات أصحابها آليا (ويتم تعويض الوديعة) وفق تنظيم يحد من المماطلات! فحاليا هناك شركة كبرى تفي بالتزاماتها ولكن في حال استمرار الوضع الحالي فانه لايُستبعد أن تنضم الى باقي الشركات بممارسة أساليب المماطلة مادام أن ذلك يحقق لها أرباحاً عالية! وإذا استمرت تلك الممارسات فان مستوى الأطباء والخدمة سينخفض وسيفشل الهدف الذي من اجله أُقر التأمين الصحي!