رغم مدة الغياب الطويلة عن الوطن .. رغم رحلة الطيران الطويلة .. رغم الظروف الصحية .. رغم إرهاق مراسم الاستقبال.. رغم ذلك كله .. إلا أن سلطان بن عبدالعزيز وسلمان بن عبدالعزيز قدما درساً إنسانياً وعملياً فور وصولهما إلى أرض الوطن بسلامة الله !! ففي اليوم التالي ذهب سلطان بن عبدالعزيز إلى المستشفى ليزور أبناءه العسكريين المصابين .. وفي هذه الزيارة طبع سموه قبلاته الحنونة الأبوية على رؤوس أبناء الوطن فكانت هذه القبلات حديث الناس في المجتمع رجالاً ونساءً وحتى أطفالاً وشباباً . وظلت هذه القبلات محور نقاش اجتماعي ملؤه الإعجاب المتكرر في كل الأحاديث والمنتديات والملتقيات . ولي العهد .. الرجل الثاني في الدولة يصل إلى البلاد بعد غيبة طويلة جداً عن الوطن تجاوزت الثلاثة عشر شهراً للعلاج وبعد رحلة سفر تجاوزت السبع ساعات يذهب من اليوم التالي من وصوله إلى مستشفى القوات المسلحة بالرياض ليزور المصابين ويطمئن عليهم فرداً رافضاً النصيحة بالراحة بعد عناء التعب والمرض والسفر والاستقبال .. وهناك في المستشفى جاء ليواسي كل المصابين وأسرهم وذويهم ويطبع على رؤسهم القبلات الحارة الصادقة وبإصرار كبير في موقف ذرفت له دموع كل من شاهد هذا الحدث على شاشة التلفزيون .. فكان موقفا حظي بالاطلاع المستمر والمتكرر وبإعجاب متزايد .. مشهد جيش كل معاني الوطنية والحماس في نفوس كل المشاهدين وحتى منهم غير المواطنين . حقيقة مشهد وموقف تلقائي وطبيعي وعفوي لا نراه في أي موقع ولا في أي مجتمع ولا في أي دولة .. مشهد حرك في نفوس كل المشاهدين أبلغ صور الإعجاب والإكبار والاحترام لرجل سطر أعظم وأروع صور التعاطف والتواضع والبساطة والحنية في قمة ذروتها وبدون أي تكلف أو تصنع أو مجاملة .. هذا المشهد .. وهذا الموقف من سلطان بن عبدالعزيز ماذا يعني ؟ وماذا يحمل لنا ؟ وماذا يقول لكل المشاهدين في هذا الوطن خاصة ولكل سكان العالم ؟! هذه القبلة على رأس مواطن ماذا يمكن أن تفسر .. وماذا تحمل من أبعاد إنسانية وأبوية ؟! حقيقة الموقف والصورة والمشهد أبلغ من أي تعبير .. وأكبر من وصف فهي صورة تحتاج إلى الكثير من الورق والوقت لتوثيقها للتاريخ وللأجيال القادمة .. هذا الموقف الأبوي من سلطان بن عبدالعزيز ماذا يعني لنا نحن كسعوديين .. الحقيقة أنه موقف يحمل أبعادا كبيرة .. لكن يبقى أهمها وأعظمها أنه يؤكد أن ولاة الأمر في هذا الوطن حفظهم الله قريبون جداً من المواطن متى ما فتحت جسور الالتقاء والاتصال ومتى ما تهيأت الظروف والفرص والمناسبة وخلال ذلك سنجد فيهم ولله الحمد كل صور التواضع والتعاطف والحنان .. والموقف الآخر جسده سلمان بن عبدالعزيز بعد هذه الرحلة والغيبة والعناء والمشقة تمثل في سرعة مباشرة سموه لمهام عمله في ديوان الإمارة في الساعة الثامنة من صباح يوم السبت " أي اليوم التالي لوصول سموه " ومباشرته لمسؤولياته حتى نهاية الدوام الرسمي كعادة سموه .. هذا الالتزام العملي المتواصل هو سمة وهو نهج سلمان بن عبدالعزيز خلال سنوات طويلة جداً .. لذلك فإن حضور سموه إلى العمل منذ الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة الثانية والنصف ظهراً رغم عناء ومشقة السفر هو احترام لوقت العمل والمسؤولية .. وهو أسلوب ونهج إداري وعملي مثالي يمكن القول إنه مفتقد جدا في كثير من المسؤولين رغم تباين المسؤوليات والمهام .. لذلك نتمنى أن يكون أسلوب ونهج وحرص سلمان بن عبدالعزيز في الالتزام الدقيق بوقت العمل واحترام وقت الوظيفة أن يكون ذلك قدوة لكثير من المسؤولين والموظفين في أجهزة الدولة بصفة عامة . شكراً سمو الأمير سلطان على هذا القبلة والحمد لله والشكر له على سلامتكم .. وشكراً سمو الأمير سلمان على التزامكم واحترامكم لوقت العمل ونتمنى أن يكون هذا الالتزام الدائم رسالة وقدوة لكل المسؤولين والموظفين والعاملين في أجهزة الدولة !!