ساهم إنشاء الشركة في التنمية الصناعية والبشرية والاقتصادية بالمملكة القادمون والمغادرون لمطار الملك خالد الدولي لابد وأن تلفت أنظارهم إحدى المنشآت الكبيرة ذات الشكل المميز والواقعة على مقربة من المطار من جهة الشرق. تلكم هي شركة السلام للطائرات التي تمثل واحدة من المنشآت الضخمة التي تعكس التخطيط السليم والرؤية الصائبة والنظرة الاستراتيجية للقيادة الرشيدة بالمملكة العربية السعودية. وقد انبثقت شركة السلام للطائرات من برنامج التوازن الإقتصادي الذي ترعاه وزارة الدفاع والطيران، ويحظى بكل الدعم والمساندة من سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، يحفظه الله، بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين. انبثقت الشركة من هذا البرنامج بهدف إيجاد القدرة المحلية التي تسد احتياجات المملكة في مجال صيانة الطائرات المدنية والعسكرية والنهوض بصناعة الطيران بالمملكة بوجه عام. وبعد مرور عشرين عاماً على إنجازها، أصبحت شركة السلام للطائرات اليوم تمثل بالفعل قدرة محلية يعتمد عليها في سد احتياجات الطائرات العسكرية والمدينة صيانة ً وتعديلاً وتحديثاً. بل وتخطت الشركة النطاق المحلي لتستقطب طائرات مدنية من دول أخرى من مختلف قارات العالم. ويكفي أن نشير هنا إلى أن هناك ما يربو على (60) طائرة تجارية وخاصة مدنية من خارج المملكة تمت صيانتها بمرافق الشركة بالرياض. وقد انتقلت الشركة تدريجياً من مراحل الصيانة والتحديث والتعديلات إلى مراحل تصنيع بعض قطع الغيار ومكونات الطائرات ثم المرحلة الحالية وهي مرحلة تجميع الطائرات التي هيأت الشركة نفسها للدخول فيها عما قريب بمشيئة الله تعالى بعد أن استثمرت (150) مليون ريال في منشآت وورش جديدة وكوادر مدربة تحقيقاً لذلك الهدف. اهتمت شركة السلام للطائرات بالمفهوم الأعمق لعملية توطين التقنية وذلك من خلال اهتمامها بتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية الشابة، حيث قامت بإنشاء مركز لتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية من حديثي التخرج من المعاهد والثانويات الصناعية والكليات ذات العلاقة بأعمال الشركة وذلك من خلال تبنيها لخمسة برامج تدريبية يمتد بعضها إلى نحو ثلاث سنوات تؤهل الخريج للحصول على الرخصة الدولية في صيانة الطائرات. وتفخر السلام بأن خريجي برامجها التدريبية أصبحوا جزءاً هاماً من كادرها الوطني الذي يخدم بالبرامج التجاربة والعسكرية التي تنفذها الشركة، وقد تجاوز عدد المتخرجين من تلك البرامج (250) متدرباً، والشركة مستمرة في استيعاب المزيد من تلك الكوادر دعماً لعملية السعودة وتوطين التقنية. إن الحديث عن إنجازات هذا المشروع الاستراتيجي الهام تطول. ولكن يكفي أن المشروع ساهم في التنمية الصناعية من خلال إيجاد قاعدة صناعية متطورة قادرة على تلبية احتياجات المملكة في مجال صيانة الطائرات بشقيها المدني والعسكري باسثتمار في البنيات التحتية والأجهزة والمعداد والكوادر البشرية بما يقارب نحو المليار ريال. كما ساهم قيام شركة السلام في التنمية البشرية من خلال إيجاد فرص وظيفية أمام الكفاءات المؤهلة، حيث يعمل بالشركة اليوم أكثر من (1000) من الكوادر الوطنية وبمجالات فنية متقدمة. أضف إلى ذلك جهود الشركة بتنمية مهارات الكوادر العاملة من خلال التدريب المستمر وتأهيل حديثي التخرج من الكوادر الوطنية كما تمت الإشارة إلى ذلك. وأخيراً فقد كان لشركة السلام أيضاً مساهمتها في التنمية الاقتصادية حيث حدت من انتقال الأموال إلى خارج المملكة من خلال إيجادها للقدرة المحلية القادرة على تلبية حاجات الصيانة للطائرات داخلياً دون الحاجة لإنتقالها خارجياً كما كان بالسابق، ومساهمة الشركة في تخفيض التكلفة وتوفير مبالغ مقدرة لخزينة الدولة، بل وجذب أموال من خارج المملكة من خلال ما تقدمه الشركة من خدمات الصيانة لطائرات أجنبية، هذا فضلاً على مساهمة الشركة في تنشيط السوق المحلي حيث بلغت الأموال التي تم صرفها لمورديين محليين أكثر من (7) آلاف مليون ريال. وهكذا نعود لنقول بأن النظرة الثاقبة التي استحدثتها الحكومة الرشيدة لهذه البلاد، بإنشاء برنامج التوازن الاقتصادي الذي انبثقت منه شركة السلام وغيرها من الشركات التي تقع تحت مظلة البرنامج، كانت تلك النظرة صائبة بكل المقاييس، وما تحقق من إنجازات شاهد على ذلك.