في الأنظمة التوليتارية الشمولية تلعب المخابرات دوراً بارزاً وقوياً في صناعة الأفراح، وتجييش الناس زرافات ووحداناً، شيباً وشباناً، رجالاً ونساء، وتسوقهم كالقطعان إلى الشوارع والساحات هاتفين بببغائية بليدة ، ومرددين الشعارات المفرغة من مضامينها، ودلالاتها، ومن صدقها. يحملون «اليافطات» و«الصور» الموزعة عليهم سلفاً، والتي أنتجتها المخابرات بكل تشوهاتها، وسخفها، مع أن هذا الركام البشري الهائل لا يعرف لماذا خرج، وبأي مناسبة يحتفل..؟ وهل هذا اليوم يصادف ذكرى مولد الزعيم أو القائد، أو عيد زواجه السعيد، أو أن المناسبة مولود جديد هو مشروع زعيم؟ في هذه الأنظمة القمعية التي يكون المواطن فيها هامشاً غير ذي قيمة تصدر المخابرات أوامرها إلى جمعية تجار شارع لطباعة خمسين ألف صورة للزعيم، وشارع آخر بكتابة خمسين ألف «يافطة»، وتجار منطقة بطباعة وتصنيع خمسين ألف شعار، وهكذا يكون الفرح بالمناسبات ، حتى ولو كانت وطنية، صناعة مخابراتية إلزامية إن لم تكن مفروضة بالقوة، والخوف، والتهديد، وشبح الظلمة والزنزانات على المواطن. هكذا يُصنع الفرح في بعض الأنظمة الدكتاتورية التسلطية القمعية. هنا، الأمر يختلف تماماً، تماماً. في المملكة لا يقونن الفرح، ولا ينمط، ولا يُستجدى، ولا يُزيف، وإنما هو شعور نابع من القلوب بعفوية، وصدق، وحب، وتعاطف. ذلك أنه لا فوارق بين رموز القيادة وبين المواطن، ولا تمييز بين إنسان عادي، وبين مسؤول في قمة الهرم، فالحب هو الذي يوحد بين الجميع، وينتج الترابط بينهم، ويكرّس حالة التناغم في الحياة. يذهب الناس، كل الناس على اختلاف شرائحهم، وأطيافهم الاجتماعية، والوظيفية، والفكرية إلى منزل عبدالله بن عبدالعزيز، أو يتدافعون إلى منزل سلطان بن عبدالعزيز، أو يأتون منزل نايف بن عبدالعزيز، أو يشخصون إلى منزل سلمان بن عبدالعزيز أو إلى أي منزل من منازل الرموز القيادية وكأنهم ذاهبون إلى منازل أقربائهم، أو منازلهم ومنازل أولادهم، يحاورون، ويتكلمون، ويبتسمون، ويشاركون في كثير من الأحاديث، وطرح الهموم دون أن يكون هناك حرج، أو تكلف. وعندما تأخذ الرياض، وغير الرياض فرحتها، ويبتهج المواطن، ويفرح بقدوم سلطان بن عبدالعزيز فإن ذلك يأتي بعفوية صادقة، يكرّسها حب الإنسان للوطن، والقيادة، وتفرضها أخلاقيات ومسلكيات الحب، والوفاء، والولاء للقيادة التي أعطت الحب، لتأخذ الوفاء. سلطان: مرحباً بك فأنت في سويداء القلوب.