بعد ان توصل الباحث الى جملة من النتائج فقد توج دراسته بجملة من التوصيات المهمة وقد انقسمت تلك التوصيات إلى نوعين: القسم الأول: التوصيات المتعلقة بالجانب العلمي، والقسم الثاني: يختص بالجانب العملي، وذلك على النحو الآتي: أولاً -التوصيات العلمية: رغم النتائج المهمة التي توصَّلت إليها هذه الدراسة، إلا أن الباحث يرى أن هذا الحقل لا يزال بحاجة إلى دراسات معمَّقة وموسَّعة تتناول جوانب متعددة، من بينها: 1- دراسات تستهدف معرفة الصورة الذهنية التي يحملها السعوديون عن ذواتهم . 2- دراسات تستهدف التعرف على صورة السعوديين لدى العرب والمسلمين في بلدانهم ،مع التركيز على الدول التي يُشاهد كثافة من أفرادها في المملكة. 3- دراسات تستهدف معرفة مدى الأثر الذي تسهم به قنوات الاتصال في تكوين الصورة الذهنية، وبالتحديد، الاتصال الجماهيري الذي أوضحت نتائج هذه الدراسة تناقضاً بين التأثير الفعلي له وما يعتقده المبحوثون من السعوديين والمقيمين حول حجم هذا التأثير. 4- التوسع في إدخال دراسات الصورة الذهنية ضمن مناهج كليات وأقسام الإعلام في المملكة لاسيما وأن هذا النوع من الدراسات مُغيَّب في الخطط الدراسية بكثير من أقسام الإعلام . ثانياً- التوصيات العملية: أجمع المبحوثون من السعوديين والمقيمين على ضعف العلاقة بينهما-خارج الإطار الرسمي- وهو ما دلت عليه النتائج المتعلقة بأبعاد «علاقات التبادل» و»العلاقات المجتمعية» و»الرضا» وعطفاً على، ذلك،فقد اوصى الباحث باتخاذ الخطوات التالية: 1 - تكثيف برامج التوعية الموجَّهة للسعوديين والداعية إلى احترام الآخر. 2 -عقد ندوات ومؤتمرات وورش عمل تستهدف التوعية بأهمية العلاقة بين السعوديين والمقيمين بحيث لا تقتصر العلاقة بين الفئتين على الإطار الرسمي أو حصره في علاقة العمل. 3 - تشكيل مجالس أو جمعيات داخل الأحياء السكنية في المدن السعودية هدفها تقوية أواصر العلاقة بين السعوديين والمقيمين، وإعادة النظر في نظام العمل وإجراءات التعاقد مع المقيمين؛ فعلى الرغم من تغيير مسمَّى الكفيل إلى صاحب العمل، إلا أن ذلك مازال يشكل سبباً في سلبية الصورة الذهنية للسعوديين في نظر المقيمين، وسَنّ إجراءات رادعة ضد كل طرف– سعوديين ومقيمين – يتعدّى على حقوق الآخر . 4 - من النتائج التي كشفت عنها الدراسة وجود تناقض بين ما يعتقده المبحوثون وما هو كائن فعلاً بالنسبة لتأثير «الاتصال الجماهيري»، الأمر الذي يستدعي الاهتمام بالآتي: تفعيل الاستفادة من وسائل الاتصال الجماهيري المختلفة كالمحطات الإذاعية التي تبث على موجة ال (FM)، حيث أثبت هذا النوع جدواه في استقطاب الكثير من المستمعين، وتحديداً فئات الشباب من الجنسين، كما ينبغي إعادة النظر في هيكل البرامج التي تبثها القناة الثانية الناطقة باللغة الانجليزية ودعم هذه القناة لتتمكن من القيام بمهمتها لمخاطبة الأجانب سواء داخل المملكة أو خارجها التوجه للاستفادة من المسلسلات التلفزيونية والأفلام وتوظيفها بشكل مناسب لنقل الصورة الحقيقية للمملكة والشعب السعودي عموماً. إنتاج برامج ومواد إعلامية تبث عبر وسائل الإعلام المختلفة. بحيث تعالج بطريقة تستهدف عرض الصورة الحقيقية للمملكة العربية السعودية وحضارة شعبها وذلك بالنظر إلى ما تحتله من موقع رائد بين دول العالم، باعتبارها حاملة لواء الإسلام وبلاد الحرمين، مما هو مثار فخر واعتزاز سياسيا وعلمياً واجتماعياً واقتصادياً، وغير ذلك من الميزات التي تمتلكها المملكة وشعبها، ومواد أخرى يُقدَّم من خلالها المقيمون بالصورة التي تعبر عن ثقافاتهم وحضارتهم. 5 - الاستفادة من خدمات الإنترنت كوسيلة اتصال شاملة سواء من خلال المواقع القائمة أو باستحداث مواقع جديدة، بحيث يتم استثمارها لإيصال رسائل واقعية تعبّر عن الصورة الحقيقية للمملكة والشعب السعودي. 6 - تكثيف التواصل مع النخب من المقيمين، والاستفادة منهم في إيصال رسائل إعلامية تعبّر عن واقع المملكة وحضارتها ومنجزاتها،بحيث تتم الاستفادة من تلك النخب كقادة رأي عام، سواء أثناء وجودهم في المملكة أو بعد عودتهم لبلدانهم . 7 - تفعيل الاستفادة من المناسبات الدينية والوطنية والمهرجانات، مثل موسم الحج، ومهرجان الجنادرية، واليوم الوطني، وغيره من المناسبات التي يمكن استثمارها لتكريس الصورة الإيجابية للمملكة والشعب السعودي . 8 - بما أن نتائج الدراسة كشفت عن وجود انطباع مُسبَق لدى المقيمين عن السعوديين بما نسبته (60.9%) وأن نسبة الذين تحسَّن انطباعهم بعد المجيء إلى المملكة تبلغ (69%)، فإن ذلك يتطلّب بذل جهود مكثفة لتحسين الصورة الذهنية للسعوديين في الخارج، ومنها تفعيل الاستفادة من سفارات المملكة وممثلياتها في هذا الجانب. ختاما، من الواضح ان الصورة الذهنية ليس فقط في الجزئية التي تناولتها بها هذه الدراسة وانما في مجالها الواسع تعد من القضايا الحساسة والمهمة التي يجب ان تأخذ حيزا كافيا من الاهتمام وعلى جميع الاصعدة التطبيقية والبحثية وكذلك على جميع المستويات الفردية والرسمية فنحن نعيش في زمن تزداد فيه تعقيدات الحياة وتختلط فيه الامور مما جعل الحقيقة يشوبها الكثير من الغبش مهما كانت صافية. ولا ادل على ذلك مما يحصل في المجتمع السعودي من نجاحات ونقلات تنموية هامة الا انها تخفت امام حملات التقليل من شأنها مما أثر سلبا على نظرة الناس لها ليس على المستوى الخارجي فقط بل نرى احيانا المجتمع المحلي لايقدر قيمة هذه النجاحات والنقلات رغم اهميتها. لقد آن الوقت ان يحظى البحث العلمي والدراسات المنهجية المتعلقة بهذه الظاهرة بالاهتمام المناسب لكي يستطيع المجتمع السعودي ومؤسساته الرسمية والاهلية معرفة مكامن الخلل في نظرة الناس له وتحسين صورته الحقيقية وما وصلت اليه هذه المؤسسات من انجازات حضارية تسابق الزمن.