حدثني علي الدميني وقد ذكرني بك وقد نساني .. حين تعارفنا للمرة الألف أطلقنا قليلا من الطرائف. وقد سألنا عن الأهل ثم سألنا عن الغربية ، وآخر قال : الحجاز ثم سألته عن عائلته ، كان يصد ثم يرد وأعرف بين ثنايا صوته الفرق الشاسع بين الاثنين قلت : هو الزمن الذي لا نريده. كيف لي أن ألتقط اللحظات التي عشتها مع عاشق الحياة .. حاول الموت اغتياله أكثر من مرة. قال للموت : ما الذي تريده منى ؟ أيمكن لنا أن نكتب شيئا قال : وهل هذا يمنحني فسحة من البوح والكتابة ؟ صمت الموت ، ودخل عبدالعزيز مشري الكتابة حين مات عبدالله السالمي أو بالأصح غرق في مكعبات الرطوبة كان فارساً جميلاً ونظيفاً وصادقاً ، عبدالعزيز قاربتَ الموت .. استأذنت منه العودة مرارا للحياة ، سمح لك وكتبت. رائحة الجنوب التي لا يخطئها القلب ثم سمح لك بالغياب الحاضر حين غادرت (الوطن - الجسد) تركت الكثير من الأحياء ..يسمونهم أبطالاً في الرواية أو القصة أوحتى الكتابة أو الرسم ، نحن جيل الهزيمة التي وسمتنا حتى أصبحنا مثل هذه الجمال التي أضاعوها عن قصد ، وسوف يجدونها عن قصد طالما هي تحمل ذلك الاسم .إلا إنهم هم في القصة والرواية هم الجزء الذي لا يشبه الجمال لايشبهوننا ، هم الجزء الذي يبقيك في الذاكرة. كنت قادرا على أن يكون البطل هو الذي يخرج الينا نبض الحياه؛ ونبض الرفض الإيجابي .. رفض الوهن والضياع والموت ، ها أنت تغادر (الوطن - الجسد) ثم تترك حيوات تفيض بك ومنك وعنك ، وأنا على يقين أنك كنت الوحيد الذي يحمل الألم ، ويضحك .. كنت الوحيد الذي يسخر من حزننا عليك كيف لك بهذه المقدرة أن تقلب اللعبة علينا نحن الذين نبوح لك ألمنا لك - كيف لمريض صحيح مثلك يهرب من بلد ثم يدخل المقهى بضعفه القوي ويلامس البحر.. تدرك الحياة بكل تفاصليها .. بكل عرسها الذي يقود في النهاية إلى الموت الذي يفاجئنا أنت الوحيد الذي ضحك على الموت ، ولازلت تضحك علينا نحن الأحياء.