قالت الصحف لدينا (نقلا عن وكالات الأنباء) إن حكومة المالديف عقدت اجتماعاً لوزرائها تحت سطح البحر لتحذير العالم بأنه إذا لم يتم التوصل إلى تخفيض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في اجتماع كوبنهاجن في ديسمبر القادم فإنها لن تكون الوحيدة التي ستغرق وإنما ستغرق تباعاً جميع أجزاء كوكب الأرض، ومن ثم تناول بعض الكتاب لدينا الخبر متعاطفين مع نداء المالديف وهذا شعور نبيل فكلنا نتعاطف مع سكان الجزر التي يهددها البحر بالابتلاع ولكن السؤال هو: هل حقاً ان انبعاث ثاني اكسيد الكربون هو السبب في غرق المالديف أو غيرها من الجزر الصغيرة؟ المالديف ليس وحدها بل يوجد أكثر من أربعين عضواً (بعضها لايتجاوز سكانها العشرة آلاف) تسمى: تحالف دول الجزر الصغيرة AOSIS تم تجميعها من شتى أصقاع البحر (بعضها لا يوجد على الخريطة) مع بداية اتفاقية المناخ لتكون - في الأصل - مسمار جحا يستخدمه بعض الدول العظمى ضد بعضها الآخر ولكن بعض مندوبي بعض دول اوبك فهموا (أعتقد خطأ أو على الأقل لم يحسنوا التصرف إذا لم يخطئوا في فهمهم) إن مطالبة الجزر الصغيرة بخفض ثاني أكسيد الكربون هو للضغط على (او لابتزاز) دول أوبك فأصبحت المعركة سجالاً في داخل قاعات الاجتماعات بين الجزر الصغيرة (وخلفها في خارج القاعات المنظمات غير الحكومية) وبين دول أوبك (وخلفها شركات البترول خارج القاعات) ولكن يبدو أن بعض الجهات تريد الآن إن تنقل المعركة ضد البترول من القاعات إلى الجماهير على شكل بهلواني كأفلام البورباقندة السياسية (المثال: Al Gore's climate change film) والمظاهرات العارية وإشعال الحرائق وعقد حكومات الجزر اجتماعاتها (على شكل حفلات رقصات الزار) تحت الماء. ثاني أكسيد الكربون هو واحد (ليس أخطرها) من مجموعة من الغازات تسمى: GHG التي تسبب حدوث الاحتباس الحراري، والبترول هو واحد (ليس أكثرها) من المصادر التي يصدر منها غاز ثاني أكسيد الكربون، لكن لأسباب سياسية تم اختيار ثاني اكسيد الكربون من بين جميع الغازات و تم اختيار البترول من بين جميع مصادر الغازات. لماذا؟ أنا اعتقد أن طريقة تفاوض (وتصريحات) بعض مندوبي بعض دول اوبك ساعدت وتساعد - من غير ان تدري - على جعل البترول هو المتهم الأول، وبالتالي على اوبك أن تغير من اسلوب تفاوضها في مؤتمر كوبنهاجن لاسيما بعد أن أصبحت (ولو في الظاهر فقط) الولاياتالمتحدة تبدي (بعد أن كانت المعارض الوحيد لبروتول كيوتو) تعاطفها مع مايمكن تسميته بروتوكول كوبنهاجن. اجتماع كوبنهاجن هو المؤتمر الخامس عشر لاتفاقية المناخ وفي نفس الوقت هو المؤتمر الخامس لبروتوكول كيوتو ولذا يسمى: COP15/MOP5. الجديد في مؤتمر كوبنهاجن هو تبادل الغزل (أو المجاملات) بين أوربا وإدارة حكومة أوباما الذي بدا قويا ثم أخذ يخفت مع اقتراب موعد الاجتماع، و الجديد كذلك خبر صغير وجدته في الإيميل وأنا أكتب هذا العمود هو انضمام الصومال إلى الاتفاقية ليصبح عدد الأعضاء 193 دولة (يجب ملاحظة أنه ليس بالضرورة ان يكون اعضاء الاتفاقية هم أعضاء في البروتوكول فأمريكا عضو في الاتفاقية ولكنها ليست عضواً في البروتوكول). لقد جرت العادة أن يتم عقد جلسات خاصة للتصويت على اختيار موقع اجتماعات مؤتمر الرؤساء (أل: COPs) السنوي ومن أهم العوامل التي تؤدي إلى اختيار مكان الاجتماع هو الجانب الترفيهي (السياحي) والمزايا التي يقدمها البلد المضيف (لاسيما لسكرتارية الاتفاقية وممثلي الجزر الصغيرة ومنظمات أنصار البيئة). لقد بلغ عدد الاجتماعات التي عقدها مؤتمر الرؤساء أربعة عشر اجتماعا تنقّل فيها بين أحلى منتجعات العالم: برلين, جنيف, كيوتو, بوينس اّيرس, بون, لاهاي, مراكش, نيودلهي, ميلان, بوينس اّيرس, مونتريال, نيروبي, بالي, بوزنان. ثم الوصول الى كوبنهاجن لعقد الاجتماع الخامس عشر COP-15 خلال الفترة 7 – 18 ديسمبر 2009. اتفاقية المناخ وناسة (حج وبيع سبح) لعشاق السياحة حول العالم، أليس كذلك؟ ليس هذا التعبير من عندي وإنما هي صفة يطلقها مراسلو وكالات الأنباء على المندوبين فيسمونهم: Climate tourists(أي سياح المناخ). *رئيس مركز اقتصاديات البترول "مركز غير هادف للربح"