بعد أربعاء عصيب فرح سكان جدة في فجره بأمطار غزيرة لم تشهدها منذ فترة، وحزنوا في ليله بالخسائر التي خلفتها تلك السيول في الممتلكات والأرواح التي حصدت منها 83 شخصاً بحسب آخر إحصائية رسمية، صحت المدينة أمس على طرق مغلقة وأنفاق غارقة وسيارات احتجزتها السيول التي كشفت عورات عروس البحر الأحمر. ولم تجد الجهات المختصة سبيلاً للحفاظ على أرواح قاطني المدينة ومركباتهم، سوى إغلاق بعض الميادين والكباري والأنفاق التي صعبت الأمطار الغزيرة من السير عليها وسلوكها بعد أن غرق بعضها وتضرر الآخر. وتم إغلاق جزء من طريق الحرمين وأجبرت السيارات القادمة من كوبري بريمان شمالاً على سلوك طريق الأمير محمد بن عبد العزيز، كما تم إغلاق الكوبري المشتهر ب "محمود سعيد" في حي الشرفية بعد أن أصبح غير صالح للسير عليه في ظل سيول أغرقت النفق الذي يليه، إلى جانب أنفاق وكباري وطرق أغلقت في مختلف أحياء المدينة لأنها باتت تهدد سالكيها وتمثل خطراً كبيراً عليهم. ولا يكاد يخلو شارع من شوارع جدة ولا ميدان من الميادين التي تشتهر بها المدينة من مجموعة من السيارات المتعطلة والتي خلفها أصحابها بعد أن أطفأت الأمطار محركاتها، ونفذوا بجلدهم قبل أن تحصد السيول الجارفة أرواحهم كغيرهم. ويرى الزائر والمتجول في مدينة جدة يوم أمس الخميس على جانب اغلب الطرق ما استطاعت الأمطار جرفه من أخشاب وأحجار وأجزاء من المركبات وبعض أثاث المنازل والمحلات، وقد تكومت على أطراف الطرق وداخل أحياء جدة، ولم يتسن للجهات المعنية إزالتها لانشغالها بما هو أهم. وبدا المنظر في بعض حواري جنوبجدة، وكأنك تشاهد قرية من قرى اندونيسيا تغرق في فيضانات حيث غطت الأمطار والسيول شوارع حي الكندرة وما جاوره، واحتجزت بعض قاطني هذه الأحياء داخل منازلهم. ولا شك بأن الخسارة الأكبر في هذه السيول هي الأرواح التي أزهقتها بعد غرق أصحابها مع مركباتها في شوارع لم تكن جاهزة لتصريف السيول، رغم علم الجهات المعنية بهذه الأمطار منذ نحو أسبوعين بعد إعلان هيئة الأرصاد وحماية البيئة عن هذه الأمطار الغزيرة التي ستشهدها المدينة. وقال المتحدث الإعلامي بمديرية الدفاع المدني بمنطقة مكةالمكرمة النقيب عبدالله بن محمد العمري إن غرفة عمليات الدفاع المدني بمحافظة جدة تبلغت عن 83 حالة وفاة تم تسليم عدد 38 لذويهم. ومازالت فرق الإنقاذ الأرضي والجوي تقوم بأعمالها في الإنقاذ والتأكد من وجود جثث في بعض المواقع التي طمرتها السيول، كما باشرت فرق الإنقاذ عدداً من الاحتجازات داخل السيارات وفي بعض المنازل القديمة في أرجاء المحافظة وتم إخراج المحتجزين من قبل رجال الإنقاذ في الوقت الذي جرى فيه استدعاء مندوبي الجهات المعنية بعد أن تم تشغيل غرفة العمليات الطوارئ وشرع كل مندوب في الفرقة بأعمال جهته التي يتبعها. ومن الأحياء المتضررة من هطول الأمطار وجرف السيول هي الأجزاء الشرقية للمحافظة، قويزة وحي المنتزهات وحي العدل وحي الروابي وحي السليمانية وحي الجامعة إضافة إلى الطرق المتضررة طريق الحرمين وجار العمل على فتحة بعد التأكد من زوال الضرر. أحد أنفاق جدة غرق في السيول محتجزاً بعض المركبات