ثلاثة أشياء استقيتها من مباراة كرة القدم التي حدثت بين الجزائر ومصر؛ أولها، حين حادثني أحد أصدقائي المهتمين بالانترنت، والذي فاجأته الحرب الإعلامية الالكترونية بين البلدين ؛ فقرر أن يعرف منشأها. فكانت المفاجأة حين بحث عبر محركات البحث، ليجد موقعين إسرائيليين أحدهما ناطق بالعربية، والآخر ناطق بالفرنسية قد بدأت في نشر الأكاذيب بشأن ما حدث للجماهير عقب المباراتين، متضمنة أخبارا عن قتل، وخلافه، وانتشرت الأخبار كما تنتشر النار في الهشيم لتتلقفها منتديات الانترنت. أنا شخصيا بحثت عن تناول الإعلام الإسرائيلي للمباراة لأجده يطالب بضبط النفس من كلا الجانبين!! وكأننا ناقصون نصائح إسرائيلية. وثاني ما استخلصته من نتائج، هو مدى هول الكارثة التي تنتظرنا، ممثلة في الإعلام الإلكتروني غير الرسمي وغير المسئول، فأي شخص يستطيع أن يُنشئَ موقعا أو منتدى إلكترونيا، وقد لا يكون له خلفية ثقافية، أو غير ناضج بما فيه الكفاية، فيكون ضحية إعلامية حين ينقل أخبارا مغلوطة أو يسمح بشحن منتداه الإلكتروني بما يسئ ولا بما ينفع . وثالث المستخلصات، كان من ذات الصديق، فقد وجد أن هناك مئات المواقع الإباحية، وقد أنشأها مع كل أسف عرب ومنهم مواطنون بطبيعة الحال، وهي تحوي آلاف المواد الإباحية، متروكة للمراهقين ومن في حكمهم. وتساءل والكلام له، كيف يُحاكم المجاهر بالرذيلة وهو ارتكب حالة مفردة - وهو يستحق بالطبع ما حكم عليه به - بينما من ينشر الرذيلة وباللغة العربية عبر الانترنت، يفلت من العقاب !! ويقول: بالإمكان الاستدلال عليه من خلال بياناته وإيميله، ودخوله يوميا للموقع، ومعرفة مصدر دخوله الشخصي (IP)، ومعرفة اسمه الحقيقي من خلال حسابه البنكي أو بطاقته التي سدد بها لحظة استئجاره الموقع. ويقول: إن القوانين الغربية تمنع مثل هذا التصرف ، ومن ينشئ موقعا إباحيا عندهم،عليه أن يحدد به نظام اشتراك يمنع من خلاله، دخول دون البالغين إلى ما إلى ذلك من الشروط. ألم يحن الوقت لتتبع ما يحدث عبر الشبكة الإلكترونية، فإن الحجب الذي تقوم به الجهات الحكومية لا يسمن ولا يغني من جوع، فلقد تأججت نار العداوة بين شقيقتين بسبب الحرب الإعلامية الإلكترونية، ومن يدري ما يحدث بين العرب غدا بسبب مباراة في كرة القدم ، فقد تعبر الدبابات الحدود. وتجيش الجيوش بسبب لعب الصغار. وصدق توفيق الحكيم حين صرخ يوما: كانت الأمم تتقدّم بالقلم، واليوم نحن نتقدّم بالقدم.