يقولون إن الذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان، وقد اعتدت اجترار الذكربات، واجترار الذكريات نوع من التذكر والترحم على الوفاء والصفات الجميلة التي فقدناها أو افتقدناها في زحمة الحياة وزخمها المتسارع، وفيما يلي أسوق إلى القارئ الكريم أسماء بعض اللاعبين الذين طواهم النسيان وأخص بالذكر لاعبي الهلال الذين تناسينا أو نسينا ما قدمه الرعيل الأول منهم من إخلاص نادر لقاء دراهم معدودة وكانوا فيها من الزاهدين، بل دون هذه الدراهم مقابل الحب الذي ملأ قلوبهم لهذا الكيان الذي أصبح الآن ينفق الملايين في شراء اللاعبين بعد أن أصبحت لعبة كرة القدم أو الرياضة عموما حرفة يزاولها الفتى لقاء المادة. خلال عطلة عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعلى المسلمين أعواما عديدة وأياما مجيدة، سعيت للتواصل عبر الهاتف مع بعض من تريطني بهم صداقة أكل عليها الدهر وشرب، وأذكر منهم مبارك عبدالكريم المريض في المنطقة الشرقية، ومر بخاطري صديق الصغر سلطان بن مناحي كابتن المنتخب السعودي سابقاً، اتصلت به فأجابني ودار بيننا حديث الذكريات. والله لقد أحزنني صوت هذا الرجل رغم أنه كان متفائلاً كعادته وسريع البديهة كما عرفته، ولكن من خلال كلمات قالها تبين لي مدى الإخلاص حتى في هذه السن المتقدمة والظروف المتبدلة، فقد قال لي: يا أبو منصور ما عاد أشوف بعيني اليميني، فسألته: لماذا؟ فقال أصابها ماء أبيض وأجريت الجراحة ونجحت والحمدلله ثم أصابها الماء الأزرق، فقلت لأبنائي وأصدقائي اتركوها ما اللون الأزرق الا حبي حتى في عيني. فانظر عزيزي القارئ مدى الإخلاص والحب والوفاء لدى هذا الرجل حتى في شيبته، وكم من مثل هذا الرجل قد طواهم النسيان وكانوا غداة أيام ينادون بالاسم هنا وهناك، كانوا نواة المنتخب السعودي، بعضهم الآن في حالة العوز والفقر المادي وبعضهم استبد به المرض، فأين الوفاء يا أهل الوفاء، أين مجالس إدارة أنديتنا المزدهرة، أين الجماهير منهم. إلى نادي الهلال وأخص سمو الرئيس وسمو نائبه والإدارة ذوي الدماء الحارة الزرقاء، هل من مبادرة أو بادرة أمل للاتصل بكل من سبق له خدمة النادي من اللاعبين أو الإداريين من الرعيل الأول لنشد على أيديهم ونساعدهم بما هو ممكن، وأنا على يقين أنهم لن يألوا جهدا في الحصول على أرقام هواتفهم وطلب حضورهم إلى النادي وتقديم ما يمليه الواجب وتكريمهم وإضفاء لمسة الوفاء على أيامهم القليلة المتبقية على صفحات الحياة، إن هؤلاء الذين لم يقبضوا الملايين هم البناة الأول لأمجاد النهضة الرياضية، وسأورد فيما يلي بعض الأسماء على سبيل المثال لا الحصر فمنهم سلطان بن مناحي ومبارك عبدالكريم وعبدالله رزقان (كندا) وسعيد بن يحيى، وزين العابدين بن عقاب، ونبيل الرواف، وسليمان مطر (الكبش) وكريم المسفر، والكثيرون ممن لا تسعفني الذاكرة الآن بتذكر أسمائهم. كرموهم وأحيوا آمالهم فكم أسعدونا في زمنهم الجيل، فإلى جانب كون تكريمهم عرفانا ووفاء، فإن سيكون دافعاً للاعبينا الحاليين على البذل والعطاء، ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها. وأرجو أن يصل صوتي لكل هلالي ولإدارة الهلال ذلك الصرح العملاق الذي لايعدم الوفاء، وإلى جميع أندية بلادي للبحث عمّن لفهم الزمن بالغبار من لاعبينا الأفذاذ الذين أضحوا في عداد الذكريات، ويحضرني قول الشاعر: رعي الله قوما بالجميل تعارفوا وما تركوا بعد الجميل عتابا