في النزاعات المسلحة، والحروب، والاقتتال بين جيوش نظامية أو جيش نظامي وعصابات مسلحة مأجورة ومستأجرة يكون للجبهة الداخلية دور مميز ومتميز ورئيسي وحاسم في توجيه مسارات الحرب ، ومدى صمود المقاتلين على جبهات القتال، وزرع روح التضحية والإيمانات بقدسية الوطن، ومشروعية الدفاع عنه، وتحصينه من كل نوايا حاقدة وكريهة تحاول النيل من تماسكه، وإرثه النضالي، والسياسي، والجعرافي، والاقتصادي، ومكتسباته القومية، والتنموية، والمعرفية. الجبهة الداخلية هي أكثر من نصف صناعة الانتصار، وتحقيق الأهداف والغايات التي من أجلها قامت الحرب، واندلعت شرارة المواجهة، وهي التي تمسك جيداً بخيوط وقرارات توجيه المعركة، فمن خلال صمودها، وتماسكها، والتفافها حول المقاتل في المعركة، وتمسكها بالأرض كعِرض مقدس، وبالمكاسب والإنجازات كثراء وطني لا يقبل المساومة، وبالفضاء الجغرافي للدولة كوحدة، وانتماء، وهوية، وبالنظام السياسي كتعبير ورمز وأمان للحياة، والوجود، والبقاء في زمن الصراعات، والتشرد، والتيه، وفقدان الهوية، بهذا كله تكون الجبهة الداخلية هي من يصنع الانتصارات، ويقوم بصياغة واقع جديد على الأرض يجعل حسابات ورهانات الآخرين خاطئة وخاسرة ، ووهي من يحوّل المأساة، والدم، ودخان المعارك إلى تألق، واحتلال مساحات واسعة في قمة المجد، وتكوين الذات المؤمنة والمخلصة. وفي معركتنا التي أُجبر جيشنا على دخولها مكرهاً - إذ ليس في عقيدتنا، ولا ثوابتنا ولا سلوكنا وفكرنا نزعة حروب واقتتالات لمجرد الحروب وسفك الدماء - قامت الجبهة الداخلية في جازان والحدود الجنوبية على امتدادها مع عصابات الشر، وتخندقهم في مساحات واسعة من هذه الحدود، قامت الجبهة الداخلية بفعل إيمان مشرِّف من خلال دعم المقاتلين، والكشف عن مخابئ المتسللين من المسلحين الحوثيين، ومحاصرتهم في أماكنهم، وممارسة حياتهم الطبيعية بشكل أبعد الفزع والهلع والخوف عن النفوس. وإذا كان إنساننا في الجنوب، وفي جازان بالذات مارس سلوكاً ووعياً هما من طبعه وتربيته وإيمانه بالوطن، والانتماء، والهوية، وأدار المعركة الحربية ووجّهها إلى مسارات الانتصار من خلال هذا الصمود، والالتفاف حول وحدته الجغرافية، والسكانية، فعلى ماذا تراهن بعض الدول عندما تقول «نحذر الدول الإقليمية من الاشتراك في حرب اليمن، ونؤكد بأن نيران القتال لن تكون بعيدة عن هذه الدول»؟ أيها السادة. لا تختبروا إنساننا، ولا تتوهموا وتراهنوا على صمودنا..!؟