كفى بها شهادة من الله أنه لايجوز أن يقال أن الشهداء أموات في حياة البرزخ، بل أحياء ولكن لاتشعرون، وفي الحديث (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن الفتّان)، إن الشهداء هم الأعزاء الأحباء الشرفاء، كتب الله أنهم أكرم القلوب، وأزكى الأرواح، وأطهر النفوس، أمواتاً وأحياء، وإنهم جند الله الغالبون، والله غالب على أمره، هم الذين يضحون بأرواحهم في معركة الحق ضد الباطل المتكررة في أجيال البشرية في كل زمان ومكان، فهنيئاً لهم الرفعة والعزة، رضي الله عليهم فأكرمهم وأرضى لهم الناس، وحبب إليهم الايمان فأحبهم الإيمان فكانوا له جند محضرون، والقوة الدافعة للأمة جميعاً، وهم بعقيدتهم الصخرة التي يتحطم بها وعليها الضالون المضلون، وسد الدفاع المتين القوي لدينهم وأمتهم من أهل الزيغ والبغي والعدوان، رحم الله فقيد الأمة منهم وإخوانه الذين سبقوه وأسكنهم فسيح جنته ورزقهم كرامة الشهداء، وعظم الله أجرهم وأحسن عزاء الأمة وجبر مصيبتها، وأذكر بقول سيف الله المسلول خالد بن الوليد لما حضرته الوفاة: وما في جسدي موضعاً إلا وفيه رمية من سهم أو طعنة من رمح وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء. عجبا الم يأني للذين ينأون بأنفسهم عن عقيدتهم وأمتهم وأهليهم أن تخشع قلوبهم لما نزل من الحق والله يقول: { من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً، وفي الحديث: (من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصية فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولايتحاشى من مؤمنها ولايفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه) و(من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه)، إنهم {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، {لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لايبصرون بها ولهم آذان لايسمعون بها أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون، {ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون❊ لو يجدون ملجاً أو مغارات أو مدخلاً لولوا إليه وهم يجمحون، الا تخافون أن تكونوا من أولئك أو من هؤلاء، {فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون، أو من (دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها) أو ممن (يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لايجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)، إنهم يحاربون الله ورسوله فلا تكونون منهم، وكونوا من {الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم، فروا إلى الله ولاتكونوا من الغافلين إني لكم منه نذير مبين، هلموا إلى إخوانكم في العقيدة فإنهم يحبونكم ولايكرهون فيكم إلا صدودكم عنها، ويدعون لكم بالهداية في الجمع والتجمعات .