أبدى الرئيس السوري بشار الاسد رغبته في استئناف المفاوضات مع اسرائيل على اساس استعادة الجولان مقابل السلام. وقد بادر الاسد الى التفاوض غير المباشر مع اسرائيل عبر رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان، ومنذ اللحظة التي تصادم فيها اردوغان مع اسرائيل، اصبح الوسيط الرئيس الكرواتي ستيفا مسيتش. الاسبوع الماضي التقى مسيتش على انفراد بكل من الرئيس الاسد، وقادة اسرائيل الرئيس شمعون بيريس ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وذلك لعرض خدماته كوسيط ومضيف. نتنياهو قبل الاقتراح في الظاهر ورفضه عملياً، وذلك بإصراره أن تكون المفاوضات مباشرة وبدون شروط مسبقة (بمعنى أدق بدون التزام اسرائيلي بالانسحاب لخط الرابع من يونيو 1967، وبدون الانطلاق من النقطة التي توقفت عندها المفاوضات خلال فترة حكومة ايهود اولمرت). وبذلك يكون نتنياهو قد وضع شروطاً مسبقة، رغم تظاهره برفض أي شروط مسبقة. إن علاقة اسرائيل مع سورية يجب أن تُدار من النهاية الى البداية. والنهاية هي تحقيق السلام في المنطقة بين اسرائيل وجاراتها. والى جانب تركيز الجهود للتوصل لتسوية نهائية مع الفلسطينيين، يتوجب على اسرائيل السعي للسلام مع سورية على أساس القرار رقم 242 الصادر عن مجلس الامن عام 1967 والذي يقضي بسلام كامل مقابل انسحاب كامل. وكل من يرفض هذه الصفقة فانه يسعى لالغاء السلام لمبررات واهية. الاسد يريد الاقتراب الى الجسر عبر مفاوضات غير مباشرة على مرحلتين، فالوسيط في المرحلة الاولى لم يعد أمريكياً، ويمكن أن يكون تركياً، كرواتياً، فرنسياً، أو أي أحد آخر. والعمل على تجاوز جميع العقبات والنقاط التي تؤجج الخلاف. وعند وصول الجانبين الى طرفي الجسر يجب على الوسيط الامريكي أن يرعى المحادثات ويعد الجانبين لمؤتمر قمة ثلاثي. إن إدارة الرئيس الامريكي اوباما تعمل بجد للوصول الى هذه المرحلة، فها هو المبعوث الخاص جورج ميتشل ومساعده لشؤون سورية ولبنان يقومان بجولات في المنطقة ويلتقون كبار الشخصيات والخبراء فيها. إن ما تريده سورية من وراء هذه المفاوضات معروف سواء من اسرائيل وقدر لا يقل أهمية من واشنطن، وما تريده إسرائيل معروف أيضاً. فإلى جانب التحرك نحو السلام، تريد خلخلة جبهة الرفض العربية التي تساعد ايران وحزب الله وحماس. نتنياهو يرى أن ايران هي الاكثر تزمتاً، لكنه لا يقوم بالدور المطلوب منه لتحقيق هذه الاولوية. لقد سبق أن تحدث نتنياهو بشكل غير مباشر مع حافظ الاسد، عبر وساطة رجل الاعمال الامريكي رون لاودر، غير أن هذه الاتصالات فشلت وذكراها فقط أثارت الخلاف. لا يوجد خلاف حول كون مبدأ السلام مع سورية عنصر أساسي في ميراث اسحاق رابين السياسي، والذي يسعى وزير الدفاع باراك الى تبنيه. إن السعي الحثيث لتحقيق السلام مع سوريا يعتبر انتصاراً لإرث رابين.