يميل كُل شاعر إلى الإبداع في موضوع أو غرض معين من أغراض الشعر، وإذا كان للشاعر المبدع فراج بن فهد الدوسري غرض أو موضوع شعري يمكن القول بأن رؤيته الشعرية تتجه إليه فهو بلا شك الشعر الديني، أو الشعر الذي يحمل دلالات إيمانية وروحانية، وقد تميز الدوسري بكتابة هذا النوع من الشعر بلغة شعرية جزلة ومرهفة وبعاطفة تفيض بالصدق والإخلاص، وإن كان هذا لا يعني خلو قصائده في الأغراض الأخرى من هذه المميزات أو السمات؛ وأستهل حديثي عن تجربة الدوسري بأبيات تأملية جميلة، يُذكر فيها الشاعر ببعض الأمور التي لا ينبغي أن يغفل عنها المسلم: العمر يمضي والأيام يطويهاالرحيل والليالي لا مضت ما تعوّد راجعه والبنادم لو هقى العمر قدامه طويل كلها سبعين عام وتحل الفاجعه ومن يجاوز ذلك الحد لو إنه قليل الظهر محدودب وصحته متراجعه لكن المحظوظ من سار لطيب الحصيل وراجع احسابه قبل لا العظيم يراجعه أنفق وصلى ولا طاوع ابليس الذليل وبما أن الكثيرين يعانون من مهاجمة الهموم والأرق، فإن الشاعر يُقدم لهم ولنفسه هذه الأبيات الثمينة التي من المؤكد بأنها ستساعد على قتل الهموم والتخلص من مشكلة الأرق: لا حاربت عينك لذيذ النعاسي والنفس محزونه وخاطرك منحاس فترى الصلاة ملينة كل قاسي صل وتهجد ينجلي كل هوجاس ثم اذكر اللي فالسما إن صرت ناسي ينتشلك الله من همومك والأتعاس وتمسي قرير العين ما فيك باسي كنك ملكت بنوك لندن وتكساس ومن قصائده الجميلة التي تجمع بين المعاني الدينية والوصف البديع للطبيعة قصيدة (خزنة البنك التجاري)، ويقول في بعض أبياتها: ليلة البارح سرى همّي عليه عزتي للراس من كثر الطواري الرياض أمست شوارعها مليه وأكره الزحمات وأصوات البواري ونشرة الأخبار في صبح وعشية قصف عشوائي.. وتفجير انتحاري انصدع راسي وصابتني الأذيه من متابعة الحدث ليل ونهاري وأعرف علاج الهموم الداخلية دون ما اذهب للطبيب الاستشاري العلاج بذكر خلاّق البريه مع صلاة الليل في ليل الغداري والقرايبه للحوف الأبجديه في كتاب الله ومسلم والبخاري ومن أجمل قصائد الدوسري لغة قصيدة (فرقاك ليل ما تبسم صباحه)، وتحفل هذه القصيدة بالعديد من الصور الشعرية الجميلة والأحاسيس الدافئة التي لا يستغرب أن تنتجها ذكرى الحب الأول: تضيق بالدمع العزيز المساحه اليا تذكر سيرة الحب الأول أحاول أكبح بالنواظر جماحه لكن تفلّت من عيوني وحوّل أنا أحسب إن البعد سلوى وراحه وأثره بتنبيش السراير مخوّل يا صاحبي رغم الزمان وجراحه جرح الفراق أشنع من إنه يؤول إلى جانب القصائد الدينية والغزل الرقيق كان للشاعر أيضاً إبداع في الشعر الفكاهي، ومن أمثلة ذلك قصيدة (سوق السهومي)، وهي (حلمنتيشية) كتبها الشاعر تعاطفاً مع المساهمين في سوق الأسهم، ومشاركة منه في مُعاناتهم، وقد أبدعها على منوال قصيدة المتنبي التي يقول فيها: إذا غامرت في شرفٍ مرومِ يقول الدوسري في بعض أبيات قصيدته: إذا غامرت في سوق السهومي فلن يبقى معك غير الهدومي فسعرُ السهم في سوق الحسايف كسعر البيز في سوق الحريمي هواميرٍ كلونا في وطنا عسى تاكلهم طيورٍ تحومي خذوا الأموال من جيب المواطن ولقّوه الخلا في ظرف يومي رقد تاجر وقام الصبح خاسر