تحتفي المملكة اليوم الأربعاء بالذكرى التاسعة والسبعين لليوم الوطني المجيد، الذي يوافق الثالث والعشرين من شهر سبتمبر الحالي. فقد أعلن المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في التاسع عشر من جمادى الأولى لعام 1351ه توحيد هذه البلد الطاهر بعد جهاد تواصل (32) عاماً، أرسى خلاله قواعد هذا البنيان على هدي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، سائراً بذلك على نهج أسلافه من آل سعود، ومحققاً هدفه النبيل، ليستمر أبناء المؤسس من بعده في السير على هذا النهج حتى عهد الخير، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي قاد المملكة إلى تجاوز التحديات الدولية والأمنية والاقتصادية، وشهد الوطن في عهده كثيراً من المنجزات والنماء والازدهار في شتى المجالات، أحدثها وأضخمها طموحا افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بثول في ذكرى هذا اليوم العزيز. وتحل الذكرى التاسعة والسبعون ليوم الوطن مشرقة كل عام مناسبة وطنية، يقف فيها أبناء المملكة باعتزاز وتقدير ووقفة تأمل وأعجاب لهذا الكيان الشامخ، الذي استطاع التغلب على التحديات بفضل الله اولاً، ثم بالإيمان القوي وصدق التوجه والوحدة الوطنية، التي تترسخ في ظل تحكيم شرع الله والعدل في كل مناحي الحياة. ويتسم عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بسمات حضارية رائدة جسدت ما اتصف به من صفات متميزة، أبرزها تفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه في كل شأن وفى كل بقعة داخل الوطن، إلى جانب حرصه الدائم على سن الأنظمة وبناء دولة المؤسسات والمعلوماتية في شتى المجالات مع توسع في التطبيقات، وصدرت أوامر ملكية سامية تتضمن حلولاً تنموية فاعلة لمواجهة هذا التوسع في تنظيم يوصل بإذن الله إلى أفضل أداء. وشهدت المملكة منذ مبايعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في 26/6/1426ه المزيد من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد مساحاتها الشاسعة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة، تشكل في مجملها إنجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته. وفي المجال السياسى حافظت المملكة على منهجها الذى انتهجته منذ عهد مؤسسها الراحل الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه القائم على سياسة الاعتدال والاتزان والحكمة وبعد النظر على الصعد كافة، ومنها الصعيد الخارجى، حيث تعمل المملكة على خدمة الإسلام والمسلمين وقضاياهم ونصرتهم ومد يد العون والدعم لهم فى ظل نظرة متوازنة مع مقتضيات العصر وظروف المجتمع الدولي وأسس العلاقات الدولية المرعية والمعمول بها بين دول العالم كافة، منطلقة من القاعدة الاساس التى أرساها المؤسس الباني وهي العقيدة الإسلامية الصحيحة. وتمكن الملك عبدالله حفظه الله بحنكته ومهارته في القيادة من تعزيز دور المملكة في الشأن الإقليمي والعالمي سياسياً واقتصادياً وتجارياً، وأصبح للمملكة وجودا أعمق في المحافل الدولية وفي صناعة القرار العالمي، وشكلت عنصر دفع قوي للصوت العربي والإسلامي في دوائر الحوار العالمي على اختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته، أبرزها مشاركتها في اجتماع مجموعة العشرين بلندن، وتمثل المجموعة 90% من اجمالي الناتج الداخلي العالمي، و80% من التجارة العالمية، وثلثي سكان العالم. ومن الإنجازات العالمية كذلك تصدر المملكة دول العالم العربي والشرق الأوسط كأفضل بيئة استثمارية، إلى جانب تصنيفها في المركز الثالث عشر على مستوى العالم، وذلك وفقا لتقرير أداء الأعمال الذي صدر عن مؤسسة التمويل الدولية "IFC" التابعة للبنك الدولي، الذي يقيم بيئة الأعمال في 183 دولة ومدى تنافسيتها الاستثمارية. وحافظت المملكة بقيادة الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله على الثوابت الإسلامية واستمرت على نهج الملك المؤسس رحمه الله، فصاغت نهضتها الحضارية ووازنت بين تطورها التنموي والتمسك بقيمها الدينية والأخلاقية. ويشهد اليوم الوطني لهذا العام ميلاد جامعة عالمية متخصصة في العلوم والتقنية والبحث العلمي هي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، التي سيفتتحها بمشيئة الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم لتضاف إلى الجامعات الأربع والعشرين الحكومية، والجامعات السبع الأهلية التي تضم نحو 200 كلية، إلى جانب 18 كلية جامعية أهلية موزعة جغرافيا لتغطى احتياجات المملكة. كما تم التخطيط لإنشاء العديد من المدن الاقتصادية كمدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ، التي تعد من أطمح المشروعات الاقتصادية الحضارية التي تقف شاهدا على ضخامة الاستثمارات التي تستقطبها المملكة وتسهم في توطين الوظائف، وتقام المدينة الاقتصادية على مساحة قدرها 156 مليون متر مربع، وبتمويل إجمالي قدره 30 مليار ريال خلال عشر سنوات يتم تمويل المشروع بالكامل من القطاع الخاص. وكانت الزيارات المتواصلة التي قام بها الملك عبدالله لعدد من المناطق والمدن والمحافظات اضافة أخرى لاهتمامه بالمواطن، حيث استقبل من قبل أبنائه المواطنين استقبالاً كبيراً يبرز مدى ما يكنه أبناء هذا الوطن له حفظه الله من حب ومودة. وفى كل مرة يزور فيها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز احدى المدن يحرص - أيده الله - على أن يشارك أبناءه المواطنين مناسباتهم التنموية والشعبية ويقضي بينهم أوقاتاً طويلة، ورغم مشاغله وارتباطاته يستمع الى مطالبهم ويجيب عن أسئلتهم واستفساراتهم بصدر رحب وحكمة وروية بالغتين. ويأتى استقبال الملك عبدالله بن عبدالعزيز للعلماء والمشايخ وجموع المواطنين كل أسبوع فى مجلسه وكلماته السامية لهم فى كل مناسبة ليضيف رافداً آخر في ينبوع التلاحم والعطاء في هذا البلد المعطاء. أما استتباب الأمن فى البلاد فهو من الأمور التى أولاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جل اهتمامه ورعايته منذ وقت طويل، وكان تركيزه الدائم حفظه الله على أن الاحتكام الى الشريعة الاسلامية من أهم المرتكزات التى يجب أن يقوم عليها البناء الأمنى للمملكة العربية السعودية. ووضعت حكومة خادم الحرمين الشريفين العديد من البرامج لدعم المواطن للقيام بدوره فى التنمية الشاملة والإسهام بنشاطه فى كل ما يستهدف رخاءه ورفاهيته وتوفير جميع احتياجاته إدراكاً منها لدور المواطن المحوري في العملية التنموية كونه وسيلتها وهدفها. وأخذ هذا الدعم أشكالا متعددة فى المجالات كافة وشمل الإعانات والقروض الميسرة دون فوائد من خلال عدد من المؤسسات التمويلية، وهي صندوق التنمية الزراعية، والبنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق التنمية العقارية، وصندوق التنمية الصناعية، وصندوق الاستثمارات العامة. وبلغ إجمالى ما قدمته المؤسسات التمويلية فى المملكة للمواطنين حتى نهاية العام المالى 1428 / 1429 ه أكثر من ثلاثمائة وثلاثة وستين مليار ريال، ما أسهم إسهاماً كبيراً ومباشراً فى التطور السريع الذى شهدته المملكة فى مختلف المجالات الزراعية والصناعية والإنشائية وغيرها. وتعد المملكة من أوائل الدول تصدياً للإرهاب على مختلف الصعد، محلياً وإقليمياً ودولياً قولاً وعملاً، مؤكدة هذا التوجه في جميع المناسبات برفضها الشديد وإدانتها للإرهاب بجميع أشكاله وصوره، وشجبها للأعمال الشريرة التي تتنافى مع مبادئ وسماحة وأحكام الدين الإسلامي التي تحرم قتل الأبرياء، وتنبذ كل أشكال العنف والإرهاب وتدعو إلى حماية حقوق الإنسان. وفي جانب إنساني، وتقديراً للتضحيات التي قدموها، اهتمت الدولة رعاها الله برجال الامن البواسل، الذين يخوضون بكل شرف المعركة ضد الارهاب، واحتضنت أبناء شهداء الواجب وأسرهم، واعتنت بالمصابين منهم واشادت بما قدموه من انجازات للوطن ستظل وسام شرف في سجل الانجازات الأمنية للبلاد. وتناولت «الرياض» في هذا الملحق الموضوعات ذات العلاقة بوحدة العمل والمسؤولية سواء على مستوى العمل التنموي متعدد المستويات و المجالات أو الإرهاب النوعي الذي يتطلب في هذه المرحلة وعياً مختلفاً ، إلى جانب الحديث عن تفعيل استراتيجية حماية النزاهة ومكافحة الفساد ، كذلك موضوعات الانتماء و تعزيز العمل المهني الشريف لتجاوز الفقر والبطالة والوعي بأهمية المرحلة الحالية ومتطلباته.