ماهو الفرق بين الخطة والاستراتيجية؟ لن أفتح القاموس لأعرف الفرق بين التعريفين ولكن يبدو لي أنه اصبح لدينا حساسية ضد كلمة الخطة بسبب عدم قدرة وزارة التخطيط على مدى اربعين سنة تحقيق أية أهداف نستطيع أن نقول إنها تحققت نتيجة لخطة وزارة التخطيط. ولذا مسحنا من قاموسنا كلمة خطة واستبدلناها بكلمة استراتيجية فأصبح لدينا استراتيجيات متعددة (اّخرها استراتيجية التوظيف) ندعو الله أن تكون استراتيجيات خير وليست تكرارا لخطط وزارة التخطيط فلم يعد لدينا من الوقت مايكفي لتكرار أخطاء الماضي فأنا من الذين يعتقدون أن خطط وزارة التخطيط هي كتاب تاريخ (أو حساب ختامي) لمصروفات الميزانية. وأنا أعتقد أيضا لو لم يكن لدينا وزارة التخطيط لحققنا نفس الأشياء (تسميها وزارة التخطيط الانجازات) التي حققناها كنتيجة تلقائية لتدفق ايرادات البترول. استراتيجية التوظيف يجب أن تكون استراتيجية احلال وليست استراتيجية خلق وظائف مزدوجة (أي يجب أن لاتؤدي الى الترهل لاسيما في الجهاز الحكومي) فلدينا الآن أكثر من سبعة ملايين عامل أجنبي (وهذا في حد ذاته أكبر دليل على أنه لا يوجد لدينا خطة) يسيطرون سيطرة كاملة على معظم المهن الأساسية بعضها لايحتاج الى المهارات كالحلاقة وتجارة بقالات (أو دكاكين) الشوارع. ولذا يجب أن تكون استراتيجيتنا عملية متكاملة تشمل التدريب والتأهيل وتصحيح نظرتنا نحو أنواع العمل (أو المهن) المختلفة واحلال العامل الوطني تدريجيا مكان العامل الأجنبي لأنه اذا لم يتم توطين العمالة لايمكن استمرار التنمية وستبقى الاستراتيجية مجرد حبر على ورق. يجب أن نشخّص المشكلة قبل أن نقترح (أو نضع) الحلول لها فالمشكلة ليست عدم وجود وظائف وانما المشكلة هي أن الوظائف يشغلها العامل الأجنبي في القطاع الخاص نتيجة لسوء التخطيط وتقصير الجهات المسؤولة عن اعداد وتهيئة العامل السعودي وعدم وجود الأنظمة واّليات التوظيف الملائمة مما يجعل اصحاب العمل (وليس الخطأ خطأهم بقدر ماهو خطأ الجهات المخطّطة) يفضلون العمال الأجانب. أما بالنسبة للأجهزة الحكومية فإنها تكتظ بالبطالة المقنّعة وليس الحل احداث وظائف جديدة في هذه الدوائر حتى لاتتفاقم البطالة المقنعة وهي لاتقل خطورة عن البطالة التقليدية. عدم التشخيص الصحيح للمشكلة هو الذي يجعلنا نعتقد أنه لايوجد وظائف كافية للعاطلين بينما الحقيقة هي أن الوظائف موجودة في القطاع الخاص ولكنها محجوزة للأجانب بدليل أن الاستقدام يزداد باستمرار عاما بعد عام. أما بالنسبة للقطاع الحكومي فإنه مكتظ ولا يحتاج الى احداث وظائف جديدة بدليل وجود أكثر من 140 الف وظيفة شاغرة (الرياض العدد 14834) لدى الدوائر الحكومية ولا ترغب هذه الدوائر في التوظيف عليها ليس فقط لأنها لا تحتاج لأعمالهم بل أيضا لأن وجود شواغر يتيح لها الاستفادة من رواتبهم بإجراء مناقلة من بند الرواتب الى بنود الترفيه كبنود: الانتدابات وخارج الدوام والمكافآت. نجاح الاستراتيجية (أو تحقيق أهدافها) يعتمد على شقين سنفصّلهما ان شاء الله في عمود الأسبوع القادم . * رئيس مركز اقتصاديات البترول" مركز غير هادف للربح"