اختارت إمارة دبي تاريخا مميزا لاطلاق "مترو دبي" أحدث إنجازات الإمارة والأول في منطقة الخليج في 9/9/2009م الساعة التاسعة وتسع دقائق وتسع ثوان، ولكنها أيضاً اختارت إطلاق المترو بالتزامن مع مرور عام كامل على انهيار بنك "ليمان براذرز" الحدث المشؤوم الذي كان بمثابة الشرارة الأولى التي أتت على "البيدر" المالي العالمي فلم تبق منه شيئا ولم تذر، ولم تسلم من هذه الأزمة دولة عظمى أو صغرى في أقصى مغرب الأرض إلى مشرقها، حتى بات بائع الأحذية على الرصيف يحدثك عن تداعيات الأزمة ويتخذها ذريعة لرفع أسعاره وهو ممسك بالحذاء ويشخص بعينيه محدقا بك من الأسفل للأعلى. ويأتي إطلاق "مترو دبي" في هذا التوقيت بالذات لأجل إثبات أن "القاطرة" الاقتصادية لهذه الإمارة مازالت قادرة على "جرّ" الاستثمارات نحو دبي و"دفع" عجلة النمو بامتياز رغم ما لحق بها من الوهن جراء الأزمة لعام كامل، وأيضاً، يأتي إطلاق المترو التزاماً من دبي بالموعد الذي تم تحديده عند الإعلان عن مشروع المترو منذ سنوات حين كان الرخاء والازدهار يعمّان الوسط الاقتصادي، وتأكيداً منها أن لا عوائق تثنيها عن إكمال مشاريعها الاستراتيجية ضمن إطار المخطط. لقد أصبح المترو في دبي حقيقة ملموسة نعايشها يومياً، وسرعان ما اكتسب شعبية كبيرة بين قاطني مدينة دبي، لما يوفره عليهم من تكاليف في المال والوقت والجهد ويخفف من أعباء الأزمة المرورية الخانقة التي تعاني منها الإمارة منذ سنوات، بما يزيد عن 40 قطارا، وشبكة محطات مدروسة يحكمها نظام الكتروني متكامل على مدار الساعة. وبالأمس خرجت العاصمة الإماراتية أبوظبي، بإعلانها عن البدء في الاجراءات التنفيذية لمشروع مترو يخدم أبوظبي، والذي يعتبر أضخم وأهم مشروع مستقبلي للنقل في إمارة أبوظبي والعالم. ويشمل المشروع "إنشاء شبكة خطوط مترو متكاملة بطول 131 كيلومترا ويتكون من قسمين، الأول يربط مطار أبوظبي الدولي بجزيرة أبوظبي وجزيرة السعديات وجزيرة ياس، بينما يربط الخط الثاني جزيرة أبوظبي بمنطقة المصفح الصناعية ومدينة محمد بن زايد آل نهيان". وتمتاز هذه الشبكة "بجدواها الاقتصادية العالية والطاقة الاستيعابية الكبيرة ومن المنتظر أن تساهم في دعم النمو الاقتصادي لإمارة أبوظبي عبر تقليل الازدحام في الطرقات ومواقف السيارات، خصوصا مع توقع نمو سكان المدينة ليصل إلى ثلاثة ملايين نسمة بحلول العام 2030م. كما يسهم المشروع في "تشجيع تدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية نحو إمارة أبوظبي فضلا عن ازدياد تنوع مصادر الدخل في الإمارة وخفض التأثيرات الضارة بالبيئة للكتل السكانية الكبيرة". وما بين "مترو دبي" الذي أصبح واقعاً وانطلق، و"مترو أبوظبي" الذي أعلن عن البدء بتنفيذه، يبقى في البال سؤال عن مشروع مازال حبرا على ورق ، ولطالما داعب مخليتنا كخليجيين، وهو مشروع الربط الخليجي بالسكك الحديدية، ذلك الحلم الذي سيقرب المسافات بين دول مجلس التعاون وسيقرب معها سبل التبادل التجاري والتعاون الإقليمي ويفتح المجال لمزيد من النشاط السياحي المتبادل وعالم الأعمال المزدهر في المنطقة. فهل ينطلق قطار دول الخليج الذي أعلن عنه قبل عدة سنوات مرارا وتكرارا، ووضعت من أجله الدراسات والأبحاث والاحصائيات، ورصدت لتنفيذه المليارات، وهل يصبح الحلم حقيقة ونرى العربة على السكة الحديدية أم يبقى هذا الحلم كما هو عليه الآن حبرا على ورق؟!! * المدير الإقليمي لمكتب دبي