في الوقت الذي يؤكد فيه جميع المسئولين بالدول الكبرى على أهمية الدور الذي لعبته المملكة في إنعاش الاقتصاد العالمي، كشف تصريح معالي وزير المالية قبيل اجتماع مجموعة العشرين جانبا لا يتناسب مع التقدير الدولي المطلوب لمساهمة المملكة الفعالة في إنقاذ اقتصاد العالم من الانهيار بسبب تجاوزات الدول المتقدمة! فمطالبات الدول الصاعدة برفع القوة التصويتية في صندوق النقد الدولي رُحب به من قبل الدول المتقدمة التي رأت أن يتم ذلك على حساب دول ذكرت أن من بينها المملكة لكون حصتها في التصويت زائدة عن اللازم! فلماذا برزت تلك الآراء فور إظهار المؤشرات الاقتصادية لبوادر انتعاش عالمي؟ وهل هناك اعتقاد بانتهاء دور المملكة أم هضم لحقوق الدولة التي ساهمت منذ سنوات طويلة في أعمال الصندوق وقامت بدور قيادي في استقرار أسواق النفط وإنعاش الاقتصاد العالمي؟ وعلى الرغم من تأكيد وزير المالية بألا يكون ذلك على حساب المملكة، فان الحاجة تدعو للعمل بآلية جديدة تضمن استفادة المملكة - بشركاتها ومواطنيها- من القوة الاقتصادية التي تتمتع بها والمحافظة على حقوقها بالمنظمات الدولية! انه على الرغم من تدخل الدولة في المشاكل التسويقية بين شركاتنا والمستهلكين المحليين بدعم الجهة الحكومية الراعية للنشاط لتلك الشركات بهدف حمايتها من تبعات المنافسة، إلا أنه عندما تعرضت شركاتنا لمشاكل بدول أخرى أثناء تسويقها لمنتجاتها سواء في قضايا إغراق او غيرها تُركت وحيدة تواجه مشاكلها الخارجية التي تبنتها حكومات تلك الدول وتضررت من قراراتها التي قد لا تتوافق مع الاتفاقيات الدولية! فلم تستفد شركاتنا من دعم الدولة كقوة اقتصادية وسوق مفتوحة بالمنطقة يمكن أن يقوي موقفها بمساندة الدولة علنياً لشركاتنا حتى وان تم اللجوء الى المعاملة بالمثل! فمعظم الدول تسعى الى دعم شركاتها العاملة بالمملكة وتحاول أن تحصل على دعم استثنائي لها، فالشركات الصينية التي ترغب العمل بالمملكة أُعفيت من التصنيف في الوقت الذي نتشدد فيه مع شركاتنا بالتقيد به! بل إن الحكومات ترسل وفودها لحل مشاكل شركاتها وتبرزها بالمواضيع التي تطرح أثناء زيارة رؤساء الدول والوزراء للمملكة! هنا أليس من المفترض استثمار قوة اقتصادنا لدعم شركاتنا بالخارج؟ في حقيقة الأمر شركاتنا ليست بحاجة لامتيازات إضافية في الدول الأخرى بقدر حاجتها لحفظ حقوقها هناك! إن الحاجة للاستفادة من قوة الدولة اقتصاديا بالخارج لا يقتصر على النشاط التجاري بل إن المواطن كسائح او مريض او صاحب عمل أصبح في حاجة الى دعم أكثر فاعلية من الدولة للحصول على حقوقه ومنع استغلاله خارجيا باهتمام أكثر من سفاراتنا وبتوفير الدعم "اللوجستي" اللازم لحل مشاكله خاصة وان معظم الدول تستفيد من اقتصاد المملكة وسوقها الكبير، وقد رأينا كيف تعرض عدد من السعوديين بدول مجاورة لاهانات واعتداءات وسرقات في الوقت الذي يدخل فيه مواطنو تلك الدول بشاحناتهم للمملكة للاستفادة من فرصة نقل البضائع، وبدلا من توفير الدعم القوي لتوفير الاحترام والأمن لمواطنينا في تلك الدول، قلل بعض مسئولي سفاراتنا من شانها بأنها حالات شاذة وهو الأمر الذي يشجع على تكرارها! ولكن جميعنا يتذكر كيف ألغت احدى الدول لرسوم فرضتها على الخليجيين العابرين لحدودها بعد أيام قليلة فور قيام دولة خليجية بفرض رسوم على مواطني تلك الدولة! فالحزم وسياسة المعاملة بالمثل نجحت في الإلزام بتطبيق الاتفاقيات! كما أن المواطن مازال ينشد تدخل الدولة في موضوع استقدام العمالة الأجنبية وعدم ترك هذا الأمر الذي يهم كل أسرة الى الغرف التجارية التي فشلت في المحافظة على حقوق المواطن بسبب ضعف الجانب السعودي الذي يتفاوض مع المسئولين بتلك الدول خاصة وانه لا توجد هناك جهة حكومية تهمها مصلحة المواطن! فالمفاوضون السعوديون هم أصحاب المكاتب الذين يهمهم إنهاء التفاوض بأي شروط او مبالغ تُطلب مادام المواطن هو من سيدفعها! وقد شاهدنا (قبل رفع الأجور مؤخرا) أن اجر الخادمة الاندونيسية لدينا (600) ريال لسنوات طويلة بينما كانت بالكويت على سبيل المثال (500) ريال ولتمارس الضغوط علينا -في ظل عدم تدخل الدولة- لرفع الأجر وتعقيد الإجراءات! هنا أليس المواطن أحق بالاستفادة من قوة اقتصاد المملكة الذي تستفيد منه الدول التي تصدر لنا عمالتها ومنتجاتها بالتحويلات الضخمة لها؟ لكون ذلك التدخل سيحد من تبني شركات وبرلمانات دول لآراء وقرارات تضر بمصالح شركاتنا ومواطنينا خوفا من ردة الفعل التي قد تتسبب في الأضرار بمصالحهم الاقتصادية بالمملكة! بل إن تلك الدول ستحاسب وسائل إعلامها عندما تنشر مايسيء لعلاقاتها بالمملكة ومواطنيها!