أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    ورشة عمل لتسريع إستراتيجية القطاع التعاوني    إن لم تكن معي    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التركي: وزير التجارة انقلب على «الغرف» رغم أنه أتى منها... ولا علاقة لي ب «الاختلاط»
نشر في الحياة يوم 26 - 10 - 2010

صالح التركي اسم اختلف حوله الكثيرون، واتفق أيضاً عليه الكثيرون، أشغل الناس فترةً من الزمن، خصوصاً بعد قرار إقالته الذي جاء مواكباً لعدد من المشكلات التي حاصرت مدينة جدة، ولم تنتهِ إلا بكارثة سيول جدة التي أتت على الأخضر واليابس، من خلال هذا الحوار الذي نضعه بين يد القارئ نكشف عدداً من الآراء والتعليقات حول عدد من القضايا التي حفلت بها ساحة العروس... فإلى التفاصيل: من هو «صالح التركي»؟ ولماذا سرق الاقتصاد والإدارة اهتمامك باكراً؟- أنا مواطن استفاد من الفرص التي أتاحها الوطن لأبنائه، لم أكن أهتم لا بالاقتصاد ولا بالتجارة، بل الصدف والظروف هي التي قادتني باتجاه العمل التجاري الذي كان الأبعد عن مخططاتي خصوصاً في فترة باكرة كان ينظر فيها للتاجر بشك وريبة. عندما حصلت على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة «سان برناردينو» بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة... ماذا كان يتراءى لك في المستقبل؟- لم يكن لي أي تصور محدد سوى رغبتي في إتقان أي عمل أقوم به وككل أبناء جيلي كنت أتوقعه وظيفة حكومية وإن ظلت بداخلي رغبة كامنة في أن أصبح ذات يوم محاضراً بالجامعة! فكرة الغرف التجارية هل آتت أكلها... وهل يطاول خيرها الكل؟- للغرف التجارية أهدافها التي أنشئت من أجلها وهي حماية ورعاية وتطوير مصالح القطاع الخاص ومراجعة قوانينه واقتراح أنظمته، علماً بأن هذه الأهداف تتطور بتطور المجتمعات والأفكار وتغير النظرة الحاكمة للعلاقة بين أرباب الأعمال والمستهلكين. وخيرها يطاول الجميع، ولكن الجدل حول نفع الغرف التجارية سببه أن بعض الناس يتوقع منها فائدة مباشرة وهذا ليس منطقياً لأن المقصود من منافع المؤسسات الاقتصادية العامة هو مجموع المستهلكين والصناع والتجار من خلال تحسين آليات وأوضاع السوق وتعظيم المنافع الاقتصادية والاجتماعية للنشاط الاقتصادي. كيف هي العلاقة بين الغرف التجارية في المملكة... هل تشبه التنافس بين الأندية الرياضية؟- العلاقة طيبة جداً بين الغرف التجارية، وعلى عكس مباريات الأندية التي تنتهي بفوز إحداها وخسارة الآخر، فإن تفوقت إحدى الغرف في تجربة أو فعالية أو تطوير يستفيد منه الجميع ويفوز الجميع. ومع ذلك فلكي أكون صريحاً، فإن بعض مظاهر الحساسية بين الغرف سببه عدم تطبيق نظام لحوكمة مجلس الغرف يحقق الإفصاح والشفافية ويحدد بدقة دور وحقوق كل غرفة في المجلس، علماً بأن المجلس ناقش هذا النظام في اجتماعه في كانون الأول (ديسمبر) 2007 بالأحساء ثم وافق عليه في اجتماع تبوك برئاسة محمد الفضل. وفي رأيي، فإنه ما لم يتم التحول عن نظام التدوير الضيق لرئاسة مجلس الغرف السعودية إلى نظام موسع يتيح الفرص المتساوية لجميع رؤساء الغرف، فستبقى هناك بعض الحساسيات، وسيحرم مجلس الغرف من طاقات وإمكانات رؤساء محتملين لا تنقصهم الرغبة ولا الكفاءة. لماذا لا تستقل الغرف التجارية عن وزارة التجارة وتكون في خط متوازٍ معها؟- القطاع الخاص ومجلس الشورى والجميع يطالب بأن يكون جميع أعضاء مجالس الغرف منتخبين لا معينين. وحتى وزير التجارة الحالي كان يتبنى أيضاً هذا الرأي أثناء رئاسته لغرفة جدة ومجلس الغرف وقبل أن يتولى الوزارة، ولكن إلى اليوم ما زالت الوزارة تعطل تطبيق قرار مجلس الشورى في هذا الشأن، بل وتطالب بزيادة حصة التعيين في مجالس إدارات الغرف على حساب حصة الانتخاب وزيادة مستوى تدخل الوزارة في إدارة الغرف. وزارة التجارة لمن تنتصر أكثر لرجال الأعمال أم للمستهلكين؟- المتابع للرأي العام وما تنشره وتبثه وسائل الإعلام يخرج باستنتاج واحد هو أن وزارة التجارة لا تنتصر لأيهما، فالمستهلكون يشكون من التهاب الأسعار وفوضى الغش التجاري دون تدخل فعال من الوزارة حتى أن المبادرة الوحيدة من الوزارة المتمثلة في جمعية حماية المستهلك ولدت موؤودة، لأن الوزارة اهتمت بإنشائها ولم تزودها بأدوات كافية للعمل.ومن ناحيتهم، يشكو المصدرون من عدم مساندة الوزارة لمجلس تنمية الصادرات في مواجهة قضية الإغراق وتركها للدكتور عبدالرحمن الزامل يواجهها منفرداً، وإلى اليوم يشكو التجار وبخاصة السيدات من صعوبات استخراج السجلات التجارية، وضاق تجار مكة من استمرار صدور سجلاتهم من الرياض، هذا إضافة إلى مشكلة النقص في إمكانات مختبرات الفحص والجودة والنوعية ومن أعطال واختناقات الموانئ. والصناعيون يشكون من تراخي الوزارة في الاستفادة من المناطق الصناعية ويتساءلون عن مصير الخطة الاستراتيجية للصناعة السعودية التي وضعتها الوزارة وعن موقفها من توفير الغاز للصناعة. ولخص رئيس مجلس الغرف السعودية الشيخ صالح كامل كل هذه المشكلات في قوله إنه بصدد الرفع للمقام السامي للمطالبة بمساواة المستثمر الوطني بالخدمات والتسهيلات والامتيازات التي نجحت هيئة الاستثمار في تقديمها للمستثمر الأجنبي. اقتصادياً... هل سحب البساط من جدة؟- تقوم جدة على عوامل مؤثرة من الدين والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والثقافة، فهي البوابة للحرمين الشريفين والميناء البحري الأول للمملكة، وموقع متوسط بين أوروبا والخليج وآسيا، وواحدة من أهم ثلاث مناطق في السعودية المصنفة كأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وضمن أكبر 20 اقتصاداً بالعالم.إضافة إلى عامل مهم وهو العبقرية الثقافية والحضارية لجدة في استيعاب هذا التنوع الكبير في الأعراق والثقافات والاستفادة منه على مر التاريخ... هذا الرصيد يجعل من الصعب أن يسحب البساط اقتصادياً من جدة على رغم وجودها فوق بنية تحتية شبه متهالكة. أينما حضر صالح التركي حضرت الإشاعات وتطايرت التهم... لماذا يكرهك كثيرون؟- لا يشغلني المغرضون ولا الكارهون، من يشغلني هم المنصفون المحبون، ومن الصعب أن ينجح إداري دون إصداره أي قرارات، وعندما كنت في غرفة جدة لم أفصل أي موظف سعودي، ولكن ما حدث أننا أعدنا هيكلة الغرفة، ووجدنا معظم العمالة غير سعوديين والدور الذي يعملونه بسيطاً، وباستطاعة السعودي القيام به، بل وقمنا بزيادة الرواتب أربعة أضعاف. وما حاولت القيام به هو تطبيق الاتفاق الذي وقع مع وزارة العمل وفي ضوئه أنشأنا «مكتب تسهيل» لتوظيف السعوديين في وظائف مميزة مبنية على الاستفادة مما تقدمه الدولة من إعانات، وأنا لا أريد السعودي أن يكون «زبالاً» أو «حارساً» أريد أن يأخذ السعودي وظائف قيادية أو إدارة متوسطة براتب عال، وهذا هو الهدف الأساسي «لمكتب تسهيل» في غرفة جدة. ولابد من وضع برامج كثيرة ومميزة لتمكين السعودي من الحصول على وظيفة مميزة، لكن لابد من أن يتأهل، إذ ينقص السعودي اليوم التدريب والتأهيل والتطوير، مشكلتنا الطفرة الاقتصادية الهائلة التي مرت بها السعودية استفادت منها البنية التحتية أكثر من المواطن.واليوم يوجد عودة للمواطن، مؤكداً الاهتمام ب «تاء التأنيث»: تطوير، تدريب، تأهيل، تعليم، تفعيل، من اجل تمكين السعودي من أن يحصل على حقه من هذا المجتمع، فإذا كان هناك فقر سعودي فهو فقر المقدرة، لان المواطن غير قادر على مد يده على حق من حقوقه ويشارك فيه بسبب انه غير مؤهل، غير هذا لا ينقص السعودي شيء. بين الديموقراطية والديكتاتورية، أين يسكن قرارك؟- الفرق بين الديموقراطية والديكتاتورية هو آلية اتخاذ القرار والقدرة على تنفيذه. الديموقراطية تقضي أن تأتي القرارات بحسب ما تقرره الأغلبية مع وجود سلطة لتطبيقها ووضعها موضع التنفيذ دون تعطيل ولا تسويف. عند هذا العنوان بالضبط يسكن قراري أي حيث تسكن قرارات الأغلبية، وحيث أتمكن من تنفيذها ولو اقتضى الأمر اللجوء إلى إقالة أو أبعاد ديكتاتورية القلة التي تعمل على إجهاض اختيارات الأكثرية. هل صحيح أن مشاركة «الرئيس كلينتون» كانت سبباً في إقالتك من رئاسة غرفة جدة؟- أنا لا أملك علاقات دولية تتيح لي دعوة شخصية عامة في وزن الرئيس الأسبق كلينتون الذي دعاه هو عمر الدباغ رئيس المنتدى الأسبق، والحقيقة أنه دعاه مرتين وأعطى وجوده ثقلاً وثراءً للمنتدى. وبالمناسبة أنا ترأست الغرفة عندما كان المنتدى في دورته الثامنة أي سبقتني سبع دورات كاملة استضاف فيها المنتدى عدداً من القادة والسياسيين البارزين. البعض يرى أن منتدى جدة يستفيد منه الكل إلا الاقتصاديون؟- لكل منتدى هدف، والهدف من منتدى جدة أن يضع مدينة جدة على الخريطة الاقتصادية العالمية ويجعلها مقصداً للمستثمرين وإتاحة الفرصة لرجال الأعمال للاحتكاك بالاقتصاديين والخبراء العالميين وتحريك الدورة السياحية كما فعل المنتدى الاقتصادي العالمي بمدينة دافوس السويسرية، وهذا بالضبط ما حققه منتدى جدة الاقتصادي، حيث استفاد منه الجميع بدءاً من رجال الأعمال والاقتصاديين وأصحاب الفكر إلى الفنادق والمطاعم ومزودي الخدمات. من لم يستفد هو من نأى بنفسه عن المنتدى. أول اختلاط في مؤتمر كان في عهدك بجدة... كيف تعاملت مع الزوابع المثارة آنذاك؟- المنتديات تقام في مدينة جدة وفي كل المملكة قبل رئاستي للغرفة بسنوات وتقام الآن وستقام مستقبلاً وأكثرها منتديات مشتركة تحضرها السيدات.وقد تعاملت مع الزوابع بالرد عليها كلما ظننت أن المقصود منها استجلاء الحقيقة، أما المهاترات وأجندات الشهرة فيكفي للرد عليها أنه لا يسمح بإقامة أي منتدى في المملكة إلا من خلال ضوابط وشروط وآلية واضحة وشاملة لكل تفاصيل المنتدى تشرف عليها وتتابعها أكثر من جهة رسمية. البعض طالب بمحاكمتك علنياً على تجاوزاتك في منتدى جدة... ماذا كان ردك عليهم؟- أنا من الزائرين الدائمين لمحاكم جدة... زرتها مرات لتوطيد العلاقة بين قطاع الأعمال والقضاء ولإخراج بعض المعسرين المحبوسين في حق تجاري خاص، ولافتتاح قاعة المحامين بمحكمة جدة الوحيدة على مستوى المملكة، بل إنني زائر للسجون بحكم عضويتي في لجنة رعاية المساجين وأسرهم. لماذا طال مكوث بعض رؤساء الغرف التجارية في منصبه؟- في رأيي هناك نوعان من الأسباب، أسباب إنسانية وشخصية كالمجاملة والضغوط الاجتماعية وأسباب موضوعية كالرغبة في استبقاء جهود وعلاقات ونفوذ رؤساء لعبوا أدواراً مهمة وتركوا أثراً واضحاً في الحياة الاقتصادية والتجارية إسماعيل أبو داود وسعد المعجل والشيخ عبدالعزيز المقيرن (رحمهم الله)، فكلهم بذلوا جهوداً لا تنسى في تطوير الغرف السعودية وإبراز دورها.وعبدالرحمن الجريسى هو علم سعودي على المستوى العالمي لقدراته وإنجازاته الهائلة وأخلاقه الدمثة... وقد يستبقي المجتمع التجاري شخصاً بعينه لمدة طويلة كحل ومخرج من صراعات وخلافات قائمة أو محتملة، وفي جميع الحالات فإن الرأي النهائي هو لصندوق الانتخاب ومجلس الإدارة الفائز بأصوات المنتسبين. هل تشعر أن رجال الأعمال في السعودية يستشعرون المسؤولية الاجتماعية والوطنية كما يجب؟- رجال الأعمال هم نتاج ثقافة مجتمعاتهم، وللأسف فإن معظم أبناء المجتمع يعتقدون أن أعمال المسؤولية الاجتماعية والتنمية البشرية هي من مسؤولية الدولة. ونظراً للظروف الاجتماعية والحضارية والثقافية في الدول النامية فإنه يصعب التفرقة بين رجل الأعمال المهتم وغير المهتم بالمسؤولية الاجتماعية، لأن الناس لا يثقون ابتداء به ويرون وراء كل عمل له مصلحة يرسمها لنفسه، والنتيجة هي ضعف عام في تفهّم مضمون وأهداف المسؤولية الاجتماعية. هل نفقد القدرة على ضبط صرف المال العام كما يجب والثغرات ينفذ من خلالها ويصرف من دون وجه حق؟- ضعف القدرة على ضبط المال العام هو إحدى المشكلات التي تعاني منها معظم الدول وبخاصة النامية، وهو لا يمثل إلا أحد أوجه الفساد. فالتفريط الإداري فساد وتفويض السلطة بلا تحديد للمسؤولية فساد والإهمال فساد وعدم المتابعة فساد والرشوة واستغلال موقع حكومي فساد. كل تلك الأنواع والأشكال للفساد تنطوي على إهدار للمال العام وتعوق التنمية ويمتد أثرها ليشمل عموم المجتمع ويعرضه للكوارث ونقص وسوء الخدمات والتراجع الأخلاقي والثقافي والحضاري. العلاقة بين التجار في المملكة... هل هناك ضرب تحت الحزام؟- لا اعتقد أن هناك ضرباً تحت الحزام في قطاع الأعمال في المملكة لأننا مجتمع مسلم يؤمن في أعماقه أن الله يرزق من يشاء بغير حساب، كما أن مجتمع الأعمال في المملكة يدرك أن الضرب تحت الحزام إن وجد سيضر بمصالح الجميع. التحالفات بين القوى الكبرى في البلد اقتصادياً من عرابها؟- عرابها هو المصالح الاقتصادية الخاصة فلن تكون
هناك تحالفات إلا لمصلحة تجمع المتحالفين من القوى الاقتصادية والشركات والعائلات المستفيدة من التحالف وهذا مقصد مشروع ولا غبار عليه. ما ينبغي أن نحذر منه وما يجب على الدولة أن تجنبنا إياه هو التحالفات غير المشروعة التي غايتها تكوين كيانات احتكارية تحاصر السوق وتخنق المنافسة. يشكل استمرار الشركات العائلية هاجساً لكثير من الشركات، كيف تضمن هذه الشركات بقاءها مزدهرة؟- الضمان بيد الله وحده، ولكن استمرار الشركات العائلية يقتضي نظام حوكمة وإدارة رشيدة يفصل الملكية عن الإدارة ويحدد السلطات والمسؤوليات بدقة وتطبيق الأنظمة والأصول الإدارية والمالية الحديثة بشكل صارم لا مجاملة فيه لأحد وقناعة الأبناء بأنهم وإن كانوا ورثة للآباء فإن ذلك لا يخول لهم تلقائياً حق الإدارة التي هي علم وخبرة وليست حقاً يورث. انهيار بعض المجموعات المالية الكبرى، هل يأتي في يوم وليلة أم أن لها إرهاصات لكن لا أحد يقرأ جيداً؟- لا دخان بلا نار ولا شيء ينهار في لحظة واحدة، بل هناك دائماً أسباب وتراكمات تنتظر اللحظة المناسبة للظهور في شكلها النهائي. ومن العلامات المبكرة لانهيار بعض المجموعات المالية ضعف الإدارة وقلة السيولة اللازمة للتمويل والازدياد غير المبرر للنفقات والخلل الهيكلي في عناصر الموازنة... هذه كلها علامات موت الشركة وإن تأخرت قليلاً عملية دفنها نهائياً. الكثير يتساءل: متى ستخصص شركتا ابن لادن وسعودي أوجيه؟ وكيف ترى انفراد هاتين الشركتين بكل الكعكة؟- مبدئياً لا أرى فائدة من تخصيص شركات المقاولات في السوق السعودية لأن نتائجها عرضة للتقلب وسوقها تسودها حالة من الاضطراب وتخصيصها سيؤدي إلى إحداث تقلبات عنيفة في السوق المالية. ما يجب أن نهتم به فعلاً هو حماية هذا القطاع الحيوي والمهم من الانهيار نتيجة لوقوعه بين المطرقة والسندان، مطرقة المزاحمة القاسية من الشركات الأجنبية الباحثة عن فرص للأعمال بعد أن فقدت سوقها العالمية بينما نستقبلها نحن بالترحيب، وسندان احتكار قلة من الشركات المحلية لما تبقى من سوق المقاولات فضلاً عن نظام المشتريات الحكومية الذي لا يناسب قطاع المقاولات. تشريعاتنا الاقتصادية لماذا تأتي متأخرة ومليئة بالثقوب؟- معظم التشريعات في العالم تظل غير مكتملة وغير محكمة حتى توضع محل التطبيق وتتكشف مواضع الثقوب وحينها يمكن معالجتها ورتقها. أما تأخر التشريعات فله سببان الأول تعدد جهات صياغة القرار وطول السلسلة الإجرائية البيروقراطية التي يمر بها وبالتالي يمكن لأي قوة أن تعطله إذا تعارض مع مصالحها. وثانياً ضغوط بعض القوى الاجتماعية لتعطيل صدور تشريع ما بل ومقاومتها أحياناً لمجرد مناقشته على رغم الحاجة الملحة له.العمل الخيري ... متواضع لك نقد لاذع على مستوى أداء العمل الخيري في المملكة... لماذا كل هذا النقد؟- أنا مشارك بقوة في العمل الاجتماعي وملاحظاتي عليه أنا جزء منها. ما يزعجني أن العمل الخيري ما زال يركز على المساعدات الآنية الموقوتة التي تستهلك موارده، وليس على المشاريع الطويلة الأمد التي تحدث تغييراً حقيقياً في مستوى معيشة الشرائح الفقيرة وتجعل من العمل الخيري قطاعاً ثالثاً موازياً للقطاعين العام والخاص.لي أيضاً ملاحظات على اقتصار الجهد الخيري والاجتماعي على تجميع الأموال وإهماله العمل التطوعي، وعدم استحداثه لأساليب مبتكرة لتنمية موارده، وتردد الجمعيات في اكتساب وتطبيق الخبرات المالية والإدارية الحديثة بحجة أنه من الأفضل توفير مصاريف التطوير واكتساب الخبرة. بلادنا غنية وخيرات أهلها كثيرة... ولكن الفقر يستفحل... أين الخلل؟- حققت المملكة نمواً اقتصادياً سريعاً من حيث حجم الناتج الوطني والبيئة الاستثمارية والإصلاح الاقتصادي. ولسنين طويلة لم يكن أحد يقبل أو يصدق وجود كلمة الفقر في القاموس الاقتصادي والاجتماعي حتى كسر خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في زيارته الشهيرة للأحياء الفقيرة بالرياض حالة الصمت والحرمة. لقد أبرزت تلك الزيارة الحاجة للإجابة على السؤال: كيف يوجد فقر في واحد من أغنى بلاد العالم؟في رأيي أن الفقر في المملكة ليس فقر الموارد، وإنما فقر المقدرة لدى الشرائح الفقيرة بمعنى أنه لم يتم تأهيل المواطن الفقير لتمكينه من المشاركة في عملية التنمية والاستفادة بنصيب عادل من التحولات الاقتصادية الجبارة التي شهدتها المملكة. الأمر شبيه بجائع أمامه وفرة من الطعام ولكن ليس لديه أسنان ليمضغه. كيف تقوّم إدارة أموال الزكاة والضمان الاجتماعي وآلية صرفها عندنا؟- من الضروري جداً أن يطمئن أصحاب الأعمال والشركات الدافعين أن زكاتهم تذهب للضمان الاجتماعي وهذا ما تحققت منه شخصياً بل وتزيد الدولة عليه. صحيح أن هناك بعض التعقيدات في آليات صرف الضمان الاجتماعي لأموال الزكاة، ولكن لابد أيضاً من القول إن هناك تحسناً ملحوظاً. لي فقط ملاحظتان الأولى أنه حبذا لو سمح للشركات بدفع جانب من زكاتها مباشرة للجمعيات الخيرية المنظمة لتمكينها من القيام بمشاريع قوية طويلة الأمد. والثانية أنه باستثناء الشركات التي تفرض عليها الزكاة وتجبى بطريقة منظمة فإن بقية أموال الزكاة مبعثرة لأن المواطنين يدفعونها بطريقة مبعثرة وغير منظمة لا ترتقي بالفقراء إلى حال الاستغناء والعفاف. اعتقد أن الطريقة التي تؤدى بها الزكاة حالياً ترضي ضمائر الأتقياء فقط لكنها لا تصد فقراً ولا تصحح خللاً ولا تقيم عدلاً وهي نوع من المسكنات العارضة. هل الصناديق السيادية والاستثمارات الحكومية بالخارج ملاذ آمن فعلاً للأجيال القادمة؟- نعم الصناديق الاستثمارية ملاذ آمن فهي استثمار لفوائض أموال الدولة في وجوه تحقق بعض العائد لمصلحة الأجيال القادمة ولتعزيز القوة الاقتصادية للدولة في أوقات الأزمات. يجب أن نتفهم أن الاقتصاد السعودي على رغم قوته لا يمكنه استيعاب كل حجم الفوائض المالية للمملكة ولا غرابة في ذلك، فالاقتصاد الصيني الجبار لا يمكنه استثمار كل فائض ميزانه التجاري داخلياً فيستثمرها في سندات الخزانة الأميركية. وقد برهنت أحداث الأزمة العالمية الأخيرة أن الحكومة السعودية استثمرت فوائضنا في صناديق منخفضة المخاطر لم تتأثر بتبعات الأزمة إلا في حدود ضيقة. مؤسسة النقد السعودي، هل هي قادرة على تجديد آلياتها والتناغم مع المتغيرات حولها؟- هي من أفضل مؤسساتنا الاقتصادية وعلى مدى عقود أثبتت أنها قادرة على إدارة المشكلات والأزمات التي تعرض لها الاقتصاد السعودي من انخفاض أسعار النفط مروراً بالظروف السياسية والعسكرية القلقة إقليمياً ودولياً وأزمة انهيار السوق العالمية. بالفعل استطاعت المؤسسة الحفاظ على توازن الأموال السعودية وحماية أموالنا في الداخل والخارج من التآكل والحفاظ على سعر صرف مستقر ومتوازن للريال السعودي وإبقاء النظام المصرفي السعودي في موقف قوي في وقت ترنحت فيه مصارف عالمية. قرارات السعودة لماذا تخيف رجال الأعمال؟في رأيي هناك خمسة أسباب لهذا التخوف بعضها خاطئ وبعضها ظالم ومحصلتها النهائية هي ضد مصالح الوطن والمواطن. فهناك أولاً الكلفة المرتفعة للعامل السعودي بسبب ارتفاع مستوى وكلفة المعيشة في المملكة مقارنة بالبلاد المستقدم منها العمالة الوافدة... ثانياً بساطة إجراءات التخلص من العامل الوافد وإنهاء خدماته... وثالثاً فارق الإنتاجية بين العامل الوافد والعامل السعودي، لأنه بإمكان المنشآت استقدام العمالة الأجنبية المؤهلة المدربة المختارة على المقاس بعكس العامل السعودي الذي يحتاج لتدريب وتأهيل... السبب الرابع هو كثرة المطالب والالتزامات الاجتماعية التي يتحملها العامل السعودي الذي يعيش في وطنه وبين أهله مقارنة بالعامل الوافد الذي لا يرهق نفسه بتلك الأعباء بانتظار حصوله على مستوى معيشي أفضل عند رجوعه لبلده... السبب الخامس والمهم جداً هو أن المناقصات الحكومية لقطاع التشغيل والصيانة - وهو أكبر قطاع مشغل للعمالة – ما زالت تستخدم نظام أسعار يعتمد على نظام متدنٍ للأجور، ما يجبر المقاولين على استخدام عمالة وافدة والتحايل على أي شروط للسعودة. لماذا فتح الباب على مصراعيه لانتقاد هيئة الاستثمار عندنا؟- أنشئت هيئة الاستثمار من أجل استقطاب الاستثمارات الأجنبية. ولكي تنجح في هذه المهمة كان عليها تقديم كل الإغراءات الممكنة للاستثمار والمستثمرين الأجانب وقد نجحت بالفعل في ذلك. ولا ينبغي أن تلام الهيئة على المفارقة الهائلة بين الميزات والحوافز التي تتيحها للمستثمر الأجنبي وبين التسهيلات والحوافز التي تقدمها وزارة التجارة للمستثمر المحلي، ولا على قدوم مستثمر انتهازي ضمن المستثمرين الجادين ولا على مستثمر متستر ضمن مستثمرين نظاميين... لكل شيء تكاليفه.السبب الثاني لانتقاد هيئة الاستثمار هو ربط مؤشرات إنجازات الهيئة بمؤشرات الأداء الاقتصادي للشركات العاملة بالمدن الاقتصادية الجديدة وهي شركات ما زالت ضعيفة في السوق، كما أن المجتمع يتساءل: هل هذه المدن مشاريع عقارية أم مدن اقتصادية؟ ولماذا لم تدمج مشاريعها ضمن الهيئات الملكية الصناعية في ينبع والجبيل التي أثبتت نجاحها بدلاً من ابتداع آلية جديدة؟ كذلك فإن طريقة إبراز الهيئة لدورها إعلامياً يتخذ شكلاً معقداً وكثيراً ما يزدحم بتعبيرات غير مفهومة «كارتفاع ترتيب التنافسية»، ما يترك انطباعاً لدى المواطن ولدى أصحاب الأعمال بأن الأمر برمته هو نوع من الدعاية الإعلامية خصوصاً عندما يقارن تلك التصنيفات المرتفعة بالعوائق التي يصادفها المستثمر المحلى.أما انتقاد دور الهيئة في عملية توطين الوظائف فإن مهمة الهيئة هي تشجيع وجلب الاستثمارات الخارجية وليس تقنين استقدام العمالة الأجنبية الموظفة في تلك الاستثمارات ولا فرض السعودة ولا رقابتها، تلك مهمة وزارة العمل. ما الذي جعلك تتجه للاستثمار في الإعلام أخيراً؟- من تجاربي وجدت أن الإعلام مهم جداً في توعية المجتمع وبالوقت نفسه هو قطاع مربح ومهم اجتماعياً للتوعية، والصحف السعودية مربحة أكثر من الإعلام التلفزيوني. وهل لهذا السبب كان توجهك للإعلام الورقي؟- الفرصة الأولى التي سنحت لي هي الإعلام الورقي، كما أني الآن بدأت في الإذاعة، اعتقد أن الإعلام قطاع مجد مادياً والاهم انه يفيد المجتمع فالاستثمار فيه خدمة للمجتمع وربحي بالوقت نفسه .. وأنا الآن مستثمر في صحيفة شمس والبلاد وإذاعة «يو أف أم»، وأتمنى أن تكون تجربتي هذه ناجحة ولن استعجل نتائجها مبكراً.. فكلانا يعيش التجربة للمرة الأولى. ولماذا لم تتجه للإعلام الالكتروني؟- اعتقد أن الإعلام الالكتروني في مجتمعنا في الوقت الحاضر هو تابع للإعلام الورقي والمرئي والمسموع ولم يصل إلى مرحلة من النضوج بعد تكفل له الاستقلالية، وهو لا يزال تابعاً وليس قائداً!، ومعظم الناس تفاعلهم الكترونياً فقط للتعليق على مقالات كتبت بالصحف وليس بالعكس. ما رأيك بالإعلام السعودي وهل عالج قضايا؟- الإعلام السعودي إعلام مميز وسقف الحرية فيه واسع، وما يقدمه من خدمة للمجتمع عن طريق كتاب الأعمدة وما يطرح من مواضيع ذات أثر بين في الساحة المحلية بالذات، ولو قمنا بمقارنة الإعلام السعودي بإعلام الدول النامية لوجدناه إعلاماً له من الأهمية بمكان، والمتأمل يجد أن إعلامنا المحلي أصبح مؤسسة فاعلة في تحريك كثير من القضايا وفتح الرأي والرأي الآخر مع كل أطياف المجتمع، وأنا على يقين أن إعلامنا يعيش أفضل حالاته وأن الدولة بقياداتها تحرص على اطراد نموه واتساع رقعته.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.