تقضي ربات المنازل في رمضان أوقات طويلة في المطبخ، لإعداد مائدة الإفطار، فتجد معظم شمعات الفرن موقدة، وكل منها خصص لنوع من الطعام فشمعة للقلي.. وشمعة للشوربة.. وشمعة لغلي الماء.. إلى غير ذلك.. وإذا كان هناك مائدة إفطار لضيوف قد تمت دعوتهم لتناول الفطور فحدث ولا حرج عن مستوى الاستنفار فتجد الصحون هنا وهناك، وأواني الطبخ وأدواته متناثرة في أرجاء المطبخ، وهنا تكمن المشكلة!! ويزيد احتمال حدوث الخطر.. فربة المنزل غالبا ما تكون منشغلة تماما وتسابق الوقت، فيكثر الإهمال في اتباع إرشادات السلامة لتحقيق عامل السرعة، وغالبا ما ينصب اهتمامها وتفكيرها في جودة الطعام ونكهته على حساب العوامل الأخرى. قصتنا لهذا اليوم دارت أحداثها في منزل أبي طلال. أقام أبو طلال مائدة إفطار دعا إليها بعض الأصدقاء. بدأت الاستعدادات لهذه المائدة من قبل أم طلال من الليلة التي تسبق موعد الدعوة، فقد جهزت ما يمكن تجهيزه من المقادير والمكونات وبعض أنواع الحلويات والمعجنات.. بعد صلاة الظهر مباشرة بدأت أم طلال مراسم الطبخ والترتيب، فدخلت المطبخ وبدأت إشعال شمعات الفرن العلوية والسفلية وأخذت تحضر الأواني والصحون وأدوات الطبخ، ومع الوقت أصبح المطبخ مليئاً فلا يكاد يكون هناك مكان للحركة وحرية التنقل في المطبخ. أما أبو طلال فقد ذهب من بعد صلاة العصر لإحضار بعض المستلزمات الضرورية من السوبر ماركت. تراكمت على أم طلال الأعمال والأشغال. وقبيل غروب الشمس بساعة تقريباً حان موعد القلي حيث وضعت أم طلال الزيت في المقلاة وأشعلت النار وزادت مستوى اللهب حتى يسخن بسرعة ثم جهزت ما ستقليه عليها من رقائق السمبوسة وغيرها. وللأسف تركت النار مشتعلة ومقلاة الزيت عليها بالإضافة إلى شمعات الفرن الأخرى التي تطبخ عليها بقية الأصناف وذهبت لترتيب السفرة ووضع بعض الأدوات والصحون وترامس القهوة والشاي وأطباق التمر والرطب. أما الأطفال فقد أغلقت عليهم باب غرفتهم، وتركتهم يلهون ويلعبون حتى لا يسببون لها الإزعاج. وبينما هي منشغلة في ترتيب السفرة وتوزيع الملاعق والصحون ازدادت حرارة الزيت الذي تركته على النار فاندلعت فيه النار وارتفع مستوى اللهب بسرعة عجيبة حتى طال أحدى المناشف المعلقة في الأعلى والتي كانت تستخدمها أم طلال للمسح بين فينة وأخرى، فاحترقت وبدأت الأدخنة تتصاعد وتنتشر في المطبخ فازدادت فيه الحرارة إلى حد لا يطاق، فجميع شمعات الفرن مشتعلة والزيت اندلعت فيه النار فانتشرت النار بسرعة فائقة. أدركت أم طلال أنها تأخرت كثيرا ً في ترتيب السفرة فعادت مسرعة إلى مطبخها وإذا بها تفاجأ بما حدث!! فانطلقت مسرعة لإخراج أولادها من غرفتهم حتى لا يصابوا بأذى ولحسن الحظ أن مفتاح الغرفة كانت قد تركته في قفل الباب من الخارج وبسرعة فتحت الباب وأخرجتهم إلى الفناء. في هذه الأثناء عاد أبو طلال وهو يحمل الأغراض التي كان قد اشتراها من السوبر ماركت وإذا به يفاجأ بزوجته وأولاده في الفناء فصرخت أم طلال النار النار قد أكلت المطبخ. اخرج أبو طلال جهازه النقال وعلى الفور قام بإبلاغ عمليات الدفاع المدني (998) بوقوع الحادث. ذهب أبو طلال إلى داخل المنزل ليلقي نظرة على المنزل عله يستطيع أن يفعل شيئا ريثما تصل فرق الدفاع المدني لكنه وللأسف سرعان ما عاد فليس بوسعه أن يواجه ناراً كهذه علت ألسنتها وتطاير لهبها وتصاعدت أدخنتها. وصلت فرق الدفاع المدني وباشرت على الفور أعمال الإطفاء. بدأ المدعوون يفدون إلى المنزل وإذا بهم يتفاجؤون بما حدث في منزل أبي طلال وتوجهوا فورا ً إلى أبي طلال لسؤاله: ما الذي حدث؟! والاطمئنان على عائلته، والتأكد فيما إذا كان قد حل بهم مكروه، فأخبرهم بما حصل وطمأنهم بان جميع أفراد عائلته بخير. حان موعد الإفطار فاعتذر أبو طلال لضيوفه لما حصل ووعدهم بدعوة أخرى. تناول الجميع بعض الرطب والماء بعد انتهاء أعمال الإطفاء في جو خيم عليه الحزن والألم. قدم أبو طلال شكره لأفراد الدفاع المدني الذين تناولوا إفطارهم في موقع الحادث. أيها الأحبة كما رأينا في هذا الحادث أن التشتت والانشغال الزائد قد يكلف الكثير ولعلنا ننبه ربات البيوت إلى بعض الإرشادات:- ينبغي عدم الانشغال عن مواقد الطهو أثناء عمليات الطبخ بأي حال من الأحوال. في حالة إشعال النار لتسخين مقلاة الزيت يجب ضبط مستوى اللهب بحذر شديد وعدم الغياب عنه حتى يتم الانتهاء من عملية القلي. ينبغي عدم تعليق الأشياء القابلة للاشتعال فوق الفرن كالمناشف وغيرها حتى لا تمتد إليها النار. مراعاة الترتيب أولاً بأول أثناء القيام بالطبخ وعدم طبخ أصناف متعددة في آن واحد. أحسنت أم طلال حين اتجهت إلى أولادها وأخرجتهم قبل القيام بأي شيء وإن كانت قد أخطأت في إغلاق الباب بالمفتاح عليهم أثناء عملية الطبخ. في الختام جعل الله السلامة طريقاً لنا جميعاً، ونسال الله للجميع صياما ً مقبولا ً ورحمة ومغفرة وعتقا ًمن النار، وإلى اللقاء في المقال القادم.. والسلام عليكم.. وللتواصل: [email protected]