التقرير بما يعقده من مقارنات بين الدول يشكل حافزا لكافة الدول للإسراع في إجراء الإصلاحات الاقتصادية. الإنجاز سيترك أثرا إيجابيا على حجم الاستثمارات التي تستقطبها المملكة التي أثبتت للعالم استقرارها الاقتصادي رغم الأزمة المالية العالمية. جهود المملكة في تحسين مناخ الاستثمار مستمرة والوصول لمصاف أفضل عشر دول بات قريباً. تقرير ممارسة أنشطة الأعمال استمرت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مواصلة جهودها الرامية إلى التخفيف من الأعباء الإجرائية ذات الصلة بممارسة أنشطة الأعمال. وحققت المملكة العربية السعودية المركز الثالث عشر في تقرير "ممارسة أنشطة الأعمال" على مستوى العالم والذي يغطي 183 دولة بحسب التقرير الذي أصدرته مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي يوم الأربعاء الموافق 9/9/2009م، وهو التقرير السابع في سلسلة تقارير ممارسة أنشطة الأعمال السنوية التي تصدر عن مؤسسة التمويل الدولية والبنك الدولي منذ العام 2004م. ووفقاً للمختصين بالبنك الدولي يتزايد التزام بلدان العالم بالإصلاحات الإجرائية، وهذا الأمر واضح في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تضم ثاني أكبر عدد من البلدان تطبيقاً للإصلاحات التي أدت إلى تسهيل ممارسة أنشطة الأعمال وتقوم بلدان عدة من المنطقة ومنها المملكة العربية السعودية ومصر وغيرها بشكل مستمر بإجراء تحسينات. وتتطلع العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للحاق بالركب والوصول إلى مراكز متقدمة. وبينما نجحت المملكة في احتلال المركز (13)، والبحرين في المركز العشرين فإن دول المنطقة تمضي في طريقها نحو مراكز أكثر تقدماً خلال السنوات القادمة. معايير التقرير وأهميته تقرير "ممارسة أنشطة الأعمال" هو نتاج جهود فريق العمل كمؤسسة التمويل الدولية، وآلاف الاقتصاديين البارزين في مختلف أنحاء العالم، ويعد أحد الوسائل الاسترشادية في تقييم مدى تأثير الأنظمة والإجراءات المتصلة بأنشطة الأعمال في أي دولة على التنمية الاقتصادية في تلك الدولة كونه يحدد معايير موضوعية لممارسة الأعمال ويقيس مدى فاعليتها في الدول التي يغطيها التقرير. يتكون تقرير ممارسة أنشطة الأعمال من عشرة مؤشرات فرعية هي؛ مؤشر بدء النشاط التجاري، مؤشر استخراج التراخيص، مؤشر توظيف العاملين، مؤشر تسجيل الملكيه، مؤشر الحصول على الائتمان، مؤشر حماية المستثمر، مؤشر دفع الضرائب، مؤشر التجارة عبر الحدود، مؤشر إنفاذ العقود، ومؤشر تصفية النشاط التجاري. وتنبع أهمية هذا التقرير من كونه يشكل حافزا لكل الدول للإسراع في إجراء الإصلاحات الاقتصادية ما ينعكس على انتعاش الاقتصاد العالمي بالمحصلة من جهة سهولة ممارسة أنشطة الأعمال بما يعقده من مقارنات بين الدول التي يشملها التقرير الذي يستعرض تجارب الإصلاح الناجحة فيها ما جعله محل اهتمام دول العالم لمعرفة تصنيفها ضمن تلك المعايير التي تعكس مدى تمتعها ببيئة أعمال ملائمة وجاذبة للاستثمار. وتحتاج البلدان إلى إجراءات تتسم بالكفاءة وسهولة التطبيق، وأن تكون متاحة لكل من يحتاج إلى استخدامها. وإلا فإن منشآت الأعمال ستجد نفسها حبيسة في اقتصاد غير رسمي لا يخضع للوائح والقواعد التنظيمية، ما يؤدي إلى تضاؤل فرص الحصول على التمويل، وتوظيف عدد أقل من العمالة، ويبقى العاملون خارج مظلة الحماية التي يكفلها قانون العمل. وتقرير ممارسة أنشطة الأعمال يحث على اعتماد القواعد النظامية التي تعد أفضل أساس لبيئة الأعمال السليمة، وذلك بدلاً من الاعتماد على المعارف والعلاقات في انجاز المعاملات. ويستند مشروع تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الى جهود أكثر من 6700 خبير محلي، منهم مستشارو أعمال، ومحامون، ومحاسبون ومسئولون حكوميون، وأكاديميون بارزون من شتى أنحاء العالم، الذين أتاحوا الدعم والمساندة لمنهجية إعداد التقرير ومراجعته. تصنيف الدول وفقا لتقرير 2010م: احتلت المملكة العربية السعودية في مؤشر ممارسة أنشطة الأعمال لهذا العام، المركز الثالث عشر على مستوى العالم، وقد سبقتها كل من سنغافورا, نيوزلندا, هونغ كونغ, الولاياتالمتحدةالأمريكية, المملكة المتحدة, الدنمارك, أيرلندا, كندا, أستراليا, النرويج, جورجيا, ثم تايلند على الترتيب بينما تقدمت المملكة على 170 دولة يغطيها المؤشر ويلحظ الجدول ترتيب افضل عشرين دولة في تقرير 2010م، ويلاحظ من الجدول ان الدول العشر الأولى عالميا حافظت على مراكزها فباستثناء ما حصل من تبادل في المراكز بين كل من بريطانيا والدنمارك فان جميع الدول ظلت على ترتيبها السابق دون ان يطرأ على مراكزها أي تغير، وهو ما يعني صعوبة اختراق هذه الدول لما تتميز به من بيئة تنافسية وقوانين وانظمة جاذبة للاستثمار يصعب التفوق عليها وان كان الوضع يتغير قليلا عند الانتقال للمراكز العشرة التي تليها. فنجد أن هناك مجالا أفضل لتحسين مراكز الدول من خلال المنافسة, حيث نجد أن دولا جديدة مثل موريشيوس وجورجيا استطاعت أن تزحزح دولا عريقة من مراكزها ففي الوقت الذي دخلت فيه موريشيوس قائمة افضل عشرين دولة خرجت منها دول اخرى مثل بلجيكا وسويسرا. أما جورجيا والمملكة العربية السعودية فقد حسنت مراكزها على حساب دول مثل ايسلندا واليابان وفنلندا. وعلى صعيد الدول العربية نجد أن المملكة العربية السعودية ظلت متربعة على عرش الصدارة بالنسبة لتلك الدول للسنة الخامسة على التوالي بل انها زادت من الفارق بينها وبين كثير الدول العربية التي تفاوتت مراكزها في التقرير مقارنة بالعام الماضي. فبينما تقدمت بعضها بخطوات ثابتة نالت إعجاب وتقدير الكثيرين تقهقرت أخرى وتخلت عن إنجازاتها السابقة. ومن الدول العربية، التي حققت هذا العام تقدماً كل من الامارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية فقد تقدمت الامارات من المركز (47) إلى المركز (33) أي بفارق أربع عشرة نقطة، بينما تقدمت مصر عشر نقاط لتنتقل من المركز (116) إلى المركز (106). ولاشك أن قفزات كل من الامارات ومصر تستحق الثناء والاحترام. أما فيما يتعلق بالدول العربية الأخرى فقد تقدمت كل من تونس واليمن والاردن باربعة مراكز وتقدمت المغرب بمركزين اما غالبية الدول العربية فقد تراجعت مراكزها. فالكويت التي كانت اكبر المتراجعين احتلت المركز (61) بعد أن كانت في المركز (52)، أي بفارق تسعة مراكز يليها لبنان الذي تراجع بسبعة مراكز من (101) الى (108) اما البقية الباقية من الدول فبعضها تراجع (5) مراكز مثل سوريا والسودان وموريتانيا وبعضها بمركزين مثل قطر والبحرين والجزائر. وأخيرا لابد من القول إن ما تحقق للمملكة هذا العام يعد إنجازا حقيقيا يحق لها ان تفخر به. فقد قارعت كثيرا من الدول العريقة باقتصاديتها، وهذه الدول تدخل في عداد الدول المتقدمة المنفتحة تاريخيا على الاستثمار لكن المملكة استطاعت أن تتقدم في مركزها رغم شراسة المنافسة في الوقت الذي تراجعت فيه معظم الدول العربية ومن المؤمل أن تقال عثراتها وأن تواصل الحضور والتقدم في ميدان التنافس في مجال بممارسة الأعمال. المؤشرات التي حسنت من تصنيف المملكة وضعت المملكة العربية السعودية خطة خمسية، وبرنامج عمل للوصول بالمملكة لمصاف أفضل عشر دول في العالم مع نهاية العام القادم 2010م. وجاء وصول المملكة العربية السعودية إلى المرتبة ال(13) هذا العام متخطية بعض الدول التي يصعب منافستها على المراكز المتقدمة من خلال إصلاحات جذرية لتحسين مركز المملكة في بعض المؤشرات الفرعية التي انعكست على المؤشر العام فعلى صعيد المؤشر الفرعي المتعلق ببدء النشاط التجاري استطاعت المملكة ان تقفز من المركز (28) الى المركز (13)، وجاء ذلك نتيجة لتخفيض الاجراءات من سبعة الى اربعة اجراءات فقط وتقليل الوقت اللازم لبدء المشروع أو النشاط التجاري من اثني عشر يوما الى خمسة أيام. أما على صعيد استخراج تراخيص البناء فقد انخفضت الاجراءات من ثمانية عشر اجراء الى سبعة عشر إجراء، وانخفضت المدة من مائة وخمسة وعشرين يوما إلى أربعة وتسعين. أما على صعيد تسجيل الممتلكات فلم يتغير ترتيب المملكة التي تحتل المركز الاول عالميا في هذا المجال. أما بالنسبة للمؤشر الفرعي المتعلق بدفع الضرائب فقد حافظت المملكة أيضا على مركزها السابق وهو السابع دوليا دون تغيير. أما في مؤشر حماية المستثمرين الذي يصف ثلاثة ابعاد الاول يتعلق بشفافية الصفقات او مايسمى (مؤشر مدى الإفصاح)، والثاني يتعلق بالمسؤولية عن التعامل الذاتي (مؤشر مدى مسؤولية المدير)، والثالث يتعلق (مؤشر قضايا المساهمين)، أو قدرة المساهمين على مقاضاة أعضاء مجلس الإدارة والمديرين في الشركات المساهمة بسبب سوء الادارة فقد حققت المملكة تقدما ملموسا في هذا المؤشر حيث انتقلت من المركز الرابع والعشرين إلى المركز السادس عشر عالميا، أما فيما يتعلق بالمؤشرات الأخرى فإن واقع التنافس بين الدول يقول إنه إذا لم تتقدم فهذا يعني انك تتراجع لأن الاخرين يتقدمون وهو ما حدث بالنسبة لمؤشر توظيف العاملين الذي لم تتراجع فيه المملكة. فقد ظل معيار عدم مرونة ساعات العمل وصعوبة التوظيف وتكلفة الاستغناء عن العمالة على حالها دون تغيير بينما تقدمت دول أخرى في هذه المجالات، فحصل التراجع بالنسبة للملكة، وهو ما حصل بالنسبة للمؤشرات الأخرى مثل الحصول على الائتمان والتجارة عبر الحدود وتنفيذ العقود ومؤشر تصفية النشاط التجاري التي وإن كانت المملكة لم تتراجع فيها فإن الآخرين تقدموا فيها. وبالرغم مما تحقق فإن الدول المشمولة في هذا التقرير ينبغي لها تدرك انه لا يمكنها الاستكانة والجمود في ظل عالم يموج بالحركة ويدفع بكل امكاناته ليحسن من مركزه التنافسي وهي بالتالي لن تركن إلى ما حققته من إنجاز، بل ستتبع مواقع القصور ومواطن الزلل لكي ترفأها وتسد ما بها من خلل، وذلك في كل مؤشر من تلك المؤشرات الفرعية التي تحتاج إلى تطوير.