أوضح خبير في المجالات الزراعية والغذائية بأن تحقيق التنمية المستدامة في قطاع الألبان في المنطقة العربية يعتمد على إرساء صناعة التحسين الوراثي في قطعان الأبقار المحلية، حيث ترتكز هذه التنمية على بنية تحتية للتحسين الوراثي من أهم عناصرها إنشاء نظام مؤسسي تندرج تحته جمعيات أهلية مدعومة من الدولة وهيئات حكومية معنية بالتسجيل والانتخاب وإعداد التشريعات، وهذه الأنظمة تبدأ محلية ثم تتصل ببعضها لتكون شبكة قومية لتسجيل الأداء الإنتاجي لقطعان الأبقار. وفي حين أن الإحصاءات العربية والدولية تشير خلال الربع الأخير من القرن الماضي إلى زيادة مطردة في إنتاج الألبان واللحوم في دول المنطقة العربية، فإنه وفق الدكتور عبدالله بن ثنيان الثنيان مدير عام الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية والخبير الاقتصادي, فقد بلغ الإنتاج نحو (24.6) مليون طن من الألبان، ونحو (4.2) ملايين طن من اللحوم الحمراء سنويا، وحققت تلك الزيادة اكتفاءً ذاتيا من الألبان بنسبة (69.8٪) ومن اللحوم بنسبة (83.7٪)، ونتيجة للزيادة السكانية والوعي الغذائي وارتفاع مستوى المعيشة فإن الطلب المتزايد على المنتجات الحيوانية لم تواكبه زيادة مماثلة في العرض على تلك المنتجات، مما حدا بالمستثمرين في هذا المجال الاتجاه إلى استيراد سلالات الأبقار الأجنبية المتخصصة النقية والخليط منها لسد حاجة السكان المتزايدة من الألبان ومنتجاتها، وقد حقق ذلك طفرة كبيرة في إنتاج الألبان، إلا أنها تظل تحت إطار تجاري بحت لكونها ليست ضمن خطة قومية تضع في حسابها تنمية السلالات المحلية. وأضاف بأن هذه السياسة الاستيرادية رغم أنها ساهمت كثيرا في سد جزء من الفجوة الغذائية من اللحوم والألبان على المدى القريب، إلا أن من آثارها السلبية أنها تعتمد على مدخلاتها المستوردة وبصفة خاصة الأبقار والأعلاف ومكوناتها، وفي نفس الوقت همشت وتجاهلت دور السلالات المحلية مما أدى إلى التناقص المستمر في نسبة الأبقار المحلية وتزايدها من السلالات الأجنبية وخلطانها، هذا بالإضافة إلى الخلط الجائر العشوائي والذي يمكن أن يؤدي إلى اندثار السلالات المحلية من الأبقار والتي تعتبر من الثروات القومية، حيث تكونت وتشكلت على مدى مئات الأجيال تحت الظروف البيئية المحلية عن طريق الانتخاب الطبيعي فأصبحت تحمل جينات (صفات وراثية) أكسبتها القدرة على تحمل الظروف البيئية السائدة في المنطقة العربية، وتعد هذه السلالات المصدر الرئيسي لإنتاج الألبان في بعض الدول العربية، إلا أن اتباع الأساليب التقليدية في إدارة قطعانها أدى إلى انخفاض كفاءتها الإنتاجية والتناسلية مما يستلزم وضع إستراتيجية تأخذ في الاعتبار السلالات المحلية والأجنبية من قطعان الألبان والخليط بينهما بما يسمح بزيادة الإنتاج والمحافظة على الأصول الوراثية للسلالات المحلية ذات التأقلم العالي للظروف البيئية العربية. ومن جهة أخرى يمكن تكوين قطعان نواة من السلالات المحلية لنشر التراكيب الوراثية المحسنة على باقي قطعان المربين في المناطق المجاورة، كما يساهم بدور فاعل كذلك في تنفيذ هذه الاستراتيجيات استخدام التقنيات الحديثة من تكنولوجيا المعلومات والحاسبات وشبكات المعلومات والتكنولوجيا الحيوية.