ترتفع درجات الحرارة هذه الأيام لتتخطى الخمسين درجة مئوية بسبب موسم "لوافح سهيل" الذي يعم أرجاء المملكة حالياً، ويستمر حتى أواخر شوال المقبل، ومنذ دخول المملكة مناخ الأجواء الصيفية الملتهبة حتى وقتنا الراهن؛ تتوجه الأنظار تلقائيا إلى أولئك الذين يعملون خارج المكاتب المكيفة مثل عمال البناء والنظافة، وعمال تقليم الأشجار وصيانة الشوارع، ويبرز السؤال الأساسي: كيف يتعامل نظام العمل والعمال مع هذه الحالة؟، وقبل ذلك كيف يتعامل أرباب العمل والعمال مع الأجواء الحارة اللافحة التي تزامنت مع شهر رمضان لتضيف بعدا جديدا للمعاناة اليومية للعمال؟. أبو سيف احد مقاولي البناء في الرياض يسير ويراقب يوميا ما لا يقل عن ثلاثين عاملاً لبناء المشاريع العقارية الصغيرة، حيث يتضاعف هذا الرقم في المشاريع الكبيرة، وقال:" الله غالب، ماذا سنفعل، علينا أن نسلم المباني في الأوقات المحددة وإلا تعرضنا لغرامة التأخير، ولذا فإنني مجبر على أن يعمل عمالي في النهار، وبالطبع أحاول أن أهيئ لهم وضعا أكثر رحمة من خلال توفير أماكن ظليلة في مواقع العمل، وإمدادهم بالماء والعصائر الباردة خارج أيام رمضان المبارك، أما في شهر رمضان فإن الماء البارد متوفر لمن يرغب في تبريد وجهه أو لغير المسلمين من العمال، كما أنني أقوم أحيانا بتغيير أوقات العمل لتصبح بعد المغرب من كل يوم، رغم أن العمل الليلي له تكاليف إضافية مثل الإنارة وارتفاع احتمال الخطأ بسبب ضعف الرؤية. ويضيف أبو سيف: لو نظم نظام العمل و العمال هذا الأمر بشكل منصف وكما هو معمول به في كل أنحاء العالم، لأراحنا من قلق غرامات التأخير، وأراح العمال من عذاب "الحر الشديد". ويقول عامل البناء زين حسين "طبعا الظروف صعبة جدا، ولا يقتصر الأمر على الحرارة المرتفعة في مواقع البناء، وكمية العرق التي نفقدها ساعة بعد ساعة من دون تعويض، خاصة في شهر رمضان المبارك، ولكن هناك أيضا الغبار واستنشاق مواد البناء الخطرة كذرات الاسمنت، إضافة إلى مخاطر المهنة مثل السقوط من المبنى، أو التعرض للمواد الحارقة، أو خطر الأدوات الحادة المستخدمة في البناء، ونحن نتحمل كل هذا من اجل الحصول على لقمة العيش الحلال"، مضيفا "طبعا سنكون سعداء لو اوجد نظام العمل والعمل لنا حلا معقولا لا ظلم فيه سواء لنا أو لصاحب العمل". لا يوجد نظام صريح من جانبه قال المحامي والمستشار القانوني الأستاذ احمد بن إبراهيم المحيميد "لا يوجد في نظام العمل الجديد بالمملكة ما يمنع من تشغيل العمال بالمناطق المكشوفة في أوقات الظهيرة خلال فصل الصيف"، مضيفا "لا يوجد نص صريح في نظام العمل والعمال السعودي يمنع العمل تحت أشعة الشمس، فالمادة 122 من نظام العمل تقضي بأنه (إذا كان العمل يُشكّل خطرا أو يسبب مرضا للعامل فإن على صاحب العمل أن يمتنع عن تشغيله تحت أي ظرف)، وهذا طبعا نص عام وشامل، وربما يختلف تفسيره من شخص إلى آخر، ولا يوفر حماية كافية، سواء للعامل الذي سوف تتأثر صحته وراتبه، أو لصاحب العمل الذي ربما تتعطل مصالحه". وأشار المحيميد إلى ضرورة قيام وزارة العمل بإدراج نص صريح في نظام العمل أو لائحته التنفيذية يمنع تشغيل العمال في أوقات الذروة في فصل الصيف، خاصة هذه الفترة التي تشهد تزامن شهر رمضان المبارك مع فصل الصيف الساخن جدا. وأكد المستشار القانوني المحيميد ضرورة استحداث هذا النص حفاظا على حقوق كلا الطرفين، وقال: هناك ارتباطات وعقود تسليم وما يتبعها من غرامات تأخير وتنفيذ ربما تقع على صاحب العمل في حالة إن قام من تلقاء نفسه بمنع العمل أثناء ساعات الذروة في فترة الظهيرة، علما أن معظم العمال لا يرغبون في التوقف عن العمل خوفا من الحسميات، أو من انقطاع الراتب، مما يشكل ضغطا عليهم لقبول العمل مرغمين في الظروف الجوية الصعبة. يذكر أن مكاتب العمل التابعة لوزارة العمل تجتهد في تطبيق بعض العقوبات مثل الغرامة المالية، ومنع الاستقدام على جهات العمل عند وجود شكوى صحيحة من قبل العمال ضد صاحب العمل.