حض اختصاصيون المؤسسات على الالتزام بتعليمات وزارة العمل التي تحظر تشغيل العمال فترة الظهيرة في الصيف، مطالبين بمراعاة ظروفهم وعدم تحميلهم ما لا يطيقون. وأوضحوا أن العمل تحت درجات حرارة مرتفعة يزيد من حدة التوتر النفسي لدى العامل، ويدخله في صراع يؤدي إلى انفلات الأعصاب، لافتين إلى أن «الإحساس» بالأجير يرفع من معنوياته ويسهم في الحصول على الإنجاز المطلوب. وانتقد عضو هيئة كبار العلماء عضو مجلس القضاء الأعلى الدكتور علي بن عباس الحكمي تشغيل بعض الجهات العمال تحت أشعة الشمس الحارقة في فصل الصيف، مشيرا إلى أن هذا الفعل يتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية. وأكد أن الأصل في الشريعة الإسلامية الرفق بالعامل، لافتا إلى أن الإسلام دعا إلى مرعاة العمال وندب عليه وحث المسلمين على الالتزام به. وقال الحكمي : «مراعاة أحوال العمال لا تقتصر على فصل معين بل يجب أن تكون طوال العام صيفا وشتاء»، داعيا أرباب العمل إلى مراعاة ظروف العمال وعدم تحميلهم ما لا يطيقون وتشغيلهم ضمن الأوقات المحددة ومراعاة الظروف البيئية. وشدد على أهمية التزام المؤسسات والشركات بالنظام الذي سنته الدولة والقاضي بمنع تشغيل العمال في فترة الظهيرة في الصيف، موضحا أنه يحق للعمال اللجوء إلى المحكمة في حال تعرضهم للأضرار نتيجة تشغيلهم في ظروف غير ملائمة أو إجبارهم على العمل تحت درجات حرارة مرتفعة. وأضاف الحكمي:«إذا وجد القاضي أن رب العمل قد ألزم العامل بالعمل فوق طاقته أو تشغيله تحت درجة حرارة عالية جدا وتضرر منها بشكل مباشر فيمكنه أن يحكم بتعويضه»، مبينا أنه في حال حدوث وفاة لأحد العمال نتيجة لإصابته بضربة شمس أثناء العمل وكان هناك دلائل وإثباتات وبراهين دامغة على ذلك فعلى أهل المتوفى أن يطالبوا بالدية، موضحا أن الحكم النهائي في قضايا التعويضات والديات يرجع للقاضي. بدوره طالب عضو هيئة التدريس في قسم الاجتماع في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن العمري بحماية العمال من أضرار أشعة الشمس الحارقة في الصيف، ملمحا إلى أن وزارة العمل راعت الجانب النفسي بتحديدها ساعات العمل في وقت الظهيرة. وبين أن العمل في درجة حرارة مرتفعة يزيد من حدة التوتر النفسي لدى العامل، ويدخله في صراع داخلي يؤدي إلى انفلات الأعصاب وينتج عنه آثار نفسية وصحية كثيرة، ملمحا إلى أن إراحة العمال من الأداء أوقات ظهيرة في الصيف يرفع من معنوياتهم ويسهم في الحصول على الإنجاز المطلوب. من جهته اعتبر مصدر في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان تشغيل العمال تحت أشعة الشمس انتهاكا لحقوق الإنسان، مشددا على أهمية تفعيل النظام الذي يمنع تشغيل العمال تحت أشعة الشمس الحارقة في الفترة من 12 ظهرا وحتى الساعة الثالثة. ولفت إلى أن العقوبات الموضوعة صارمة وحازمة تصل لغرامات مالية قاسية بحق الجهات المخالفة، مرجعا عدم تطبيق بعض الشركات للقرار إلى أنه جديد ولم تعتده، معتبرا إياه يشمل الجميع ويمس قضية حقوقية إنسانية وشرعية. وأفاد أنهم في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان نظموا دورات للتعريف بالنظام، مؤكدا أنهم لقوا تجاوبا كبيرا من قبل أرباب العمل، ولم يتلقوا أي شكوى من عمال أجبروا على العمل في درجات حرارة مرتفعة. إلى ذلك، ألمح عضو لجنة الإدارة والموارد البشرية في مجلس الشورى سعود عبدالرحمن الشمري إلى أنه على العامل الامتناع عن العمل إذا أجبر على ممارسته في درجة حرارة عالية، معتبرا العقوبة التي يفرضها رب العمل عليه في هذه الحالة باطلة وغير نافذة ويحق لمكتب العمل إبطالها. وفي السياق ذاته، أكد رئيس لجنة المقاولين في غرفة مكة عبدالله معتوق صعيدي أن الشركات ملزمة بالتقيد بالقرارات التي أطلقتها وزارة العمل، مشيرا إلى أنه سيجري استقبال الشكاوى في هذا الجانب، مؤكدا أنهم سيراقبون الشركات ومحاسبة المخالف منها وفقا للعقوبات التي سنتها الأنظمة.