عندما تنتهي من كل صلاة او تقف عند إشارة مرور في معظم المدن السعودية يلفت انتباهك ظاهرة انتشار العديد من المتسولين بطريقة اقرب للاتجار بالعاهات منها لطلب العون. ومع الأسف الشديد معظمهم من دول افريقية عربية وإسلامية ومن المتسللين من اليمن . والمتسولون من أبناء اليمن أعادوني للأيام الخوالي حيث استقيت عنوان مقال اليوم من أهازيج العمل التي كان يرددها بعض الأخوة من اليمن الشقيق عندما كانوا يعملون في البناء وخاصة بناء بيوت الطين القديمة في المملكة. فقد كانوا يكررون مفردات هذه الأهزوجة حتى أصبحت مثل النشيد الوطني للعمل الجماعي التي تقول في مطلعها " أربعة شلوا الجمل والجمل ما شلَّهم" كناية عن قدرة الجماعة على تحمل أعباء تصعب على الصابر على أحمال التجار في قيظ الصحراء لسنوات طويلة . وهناك من يمارس هواية الإبداع في الأهزوجة فيزيد بيتا او اثنين وهناك من يقاطع الجميع بالطلبات " لبنه " "طينه " ولمن يخطئ في الرمي والتناغم يأتيه عيار صوتي من نوع " جِني شلّك " . وفي تلك الفترة لم يكن أمام العامل الوافد من خارج منطقة العمل سواء كان من المواطنين او من الوافدين من الخارج سوى الانضباط وفق قوانين المجتمع وقواعد الثقافة المحلية . ولذلك تجد أن أبناء اليمن هم الأقرب ثقافيا فذاب الكثير منهم في المجتمع وأصبحوا جزءا من نسيجه . وبالفعل فقد عاش عدد كبير منهم بيننا إخوة أعزاء فدخلوا في شراكات أسرية او تجارية او صداقات متينة . ولكن الوافد الطارئ للعمل المؤقت او التسول والمتسلل بطريقة غير شرعية من اليمن فهو بيت القصيد هنا .فمع هذا التدفق المشروع وغير المشروع اختلط الحابل بالنابل ولم تعد تلك الأيدي العاملة من اليمن متناغمة تناغم تلك الأهزوجة التي تغني بشكل جماعي ، وإنما دخلت الأهواء والتسلل والرغبة في الكسب السريع وبأي شكل كان . وأصبح السؤال الآن من سيغني أهزوجة التناغم والكسب الحلال دون الإخلال بالصورة الذهنية الجميلة للبلدين . فاليمني الكادح أصبح يستنكف من هذه المناظر التي تخدش عمله وكده ، والسعودي أصبح يتضايق من هذه الفئة التي تحاصره في المسجد او الشارع وتشوه صورة البلد لدى كل زائر . العمل يحتاج الى أهزوجة سعودية يمنية مشتركة على شكل حملات ضبط وتوعية ووقف تسلل ومتابعة من السفارة اليمنية لمن يضبط . أهزوجة ستعيد لنا تلك الصورة الجميلة للعامل الذي يكسب بعرق جبينه لا بالتسول او الجريمة فيغني أربعة حرسوا الجمل والجمل وفى لهم .