قرأت مثل باقي القراء ما كتبه الأستاذ الفاضل الأستاذ سليمان بن علي العلولا في صفحة الرأي بجريدة «الرياض» في عددها الصادر يوم الأحد الموافق (25/8/1430ه) الذي أشار من خلاله إلى تلك الفضيحة التعليمية التي كشفها لنا عن تزوير شهادة إحدى المتعاقدات في إحدى كليات البنات، ولقد أعجبتني تلك اللهجة التي تحدث بها الأستاذ علي، وتلك المطالبة بتفعيل لجان الرقابة والتحقيق في كليات البنات على الوجه الخاص، والجامعات السعودية بشكل عام. أنا هنا لن أشير أو أعقب على ذلك الموضوع الذي أشار إليه الأستاذ ولكن سوف أعرج على موضوع مهم جداً نقلنا إليه من خلال تلك الفضيحة التعليمية الموجودة على سطح إحدى جامعاتنا السعودية، ألا وهي وجود عدد من الفضائح التعليمية التي تطفو على السطح المرئي في تعليمنا العالي، سواء اختلفت في المبدأ أو المقتضى لها. دائماً ما أشير في مقالاتي إلى أهمية وزارة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية لكونها المسؤولة الأولى عن المخرجات التعليمية، وعن الموارد البشرية، التي تنتجها للمجتمع، وعن مدى قوة وتكامل المدخلات التعليمية التي يأتي أساسها سليماً واضحاً بعيداً عن التخبط والعشوائية. إن تعليمنا العالي برغم التطور والازدهار الذي يعيشه، إلا أنه لا يزال يعاني من تلك الثغرات السلبية، التي تؤثر فيه، والذي يعيش رغم التطور في زوبعة واضحة ودوامة تودي ببعض مخرجاته إلى نقاط سلبية غير قادرة على استيعاب ما يتم تشكيله من جهود وتدبيرات لإنجاح الخطط التربوية والتعليمية. إن مسألة الفضائح التعليمية في الجامعات والكليات السعودية كما ذكر الأستاذ، بل تعداه إلى فضائح أخرى لاتزال الجامعات والكليات بجميع عناصرها تنتظر الوقفة الجادة من التعليم العالي حتى يبترها ويقتلها في مهدها قبل أن تحيا وتعيش وتهرم بيننا! والأدهى من ذلك والأمر أن نبقي على بعض المتعاقدين والمتعاقدات في جامعاتنا لعدد من السنوات، بالرغم من عدم حاجتنا إليهم، بل إننا نجعلهم يستمرون بتدريس طلابنا وطالباتنا، وفي الجانب الآخر هناك كثير من المواطنين والمواطنات والحاصلين على شهادات عليا في ذلك التخصص، وهم لايزالون يقفون في طابور انتظار الوظيفة عند هذه الجامعة أو تلك، مع تفوقهم وندرة تخصصهم وحاجة الوطن إلى أمثالهم! وكم أشعر بالأسى والحزن عندما أشاهد في عدد من الكليات بعضاً من المتعاقدين والمتعاقدات والحاصلات على شهادة الماجستير ودرجة محاضر وهم يعملون في الجامعات السعودية لعدة سنوات، في الوقت الذي يحصل عليه طلابنا وطالباتنا على عدد من الشهادات المماثلة لهم، والأعلى منها، وإلى جانبها شهادات الدبلومات والدورات المختلفة، والحال كما هي الوقوف في طابور انتظار الوظيفة، في الوقت الذي ينعم فيها ذلك المتعاقد، أو المتعاقدة بمواردنا المالية، برغم اكتفاءنا من هذا التخصص بأكثر من شهادة وأكثر من درجة علمية. بل إن العجب يأخذ من أقصى تصوري إلى أدناه عندما أرى أولئك المتعاقدين والمتعاقدات يدلون بتصوراتهم وآرائهم الذاتية بالرغم أننا كوطن لا يعرف حضارته إلا مواطنوه وأبناؤه، فكيف بهذا المتعاقد، أو ذاك أن يشرح بعضاً من أساسيات نظام التعليم في المملكة لطلابنا وطالباتنا، متعللين بعدم توافر من يحمل تلك الشهادة التربوية بذلك التخصص، التي تكلفهم أن يشرح مثل هذه الموضوعات، أو تلك المقررات، إنه من الأجدر أن نخصص لتلك المواد والمقررات الجامعية التي ترتبط بواقعنا وسياساتنا ووطننا أساتذة من أبناء الوطن، بعيداً عن أن نسلم حاضرنا لهم رغم عدم استيعابهم الكامل له حتى وإن اضطررنا أن نفتح المجال الدراسي لمثل هذه التخصصات لطلابنا وطالباتنا، حتى نتفق مع المثل القائل - أهل مكة أعلم بشعابها -! بل إني مازلت أبحث عن السبب المقنع حتى يحرم عضو هيئة التدريس السعودي في الجامعات والكليات السعودية من بدل السكن، ويفضل عليهم بذلك المتعاقدون والمتعاقدات بهذا البدل، ويصرف لهم سنوياً بما قيمته خمسة وعشرين ألفاً، والأعضاء السعوديون لا يحق لهم سوى الصمت عن ذلك ربما لعدم قناعتهم التامة، بهذا المبدأ وهذه التفرقة التي لا ترضيهم بالطبع! وفي الجانب الآخر وإلى هذه اللحظة يوجد اختلاف في الآراء لمن يستحق بعض البدلات والمكافآت التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية، فمنذ بداية العام الدراسي الماضي لايزال هناك كثير من الجامعات التي لم تتأكد ممن يستحق هذه البدلات، وممن لا يستحقها، بل إنها وقعت في جدل بينها وبين المسؤول عن صرفها، فبعضم على سبيل المثال لا يعلم من يستحق بدل الندرة والآخر لا يسمح ببدل الحاسب، مع استيفاء كثير من الأعضاء في الجامعات لشروطهما وهكذا!! إننا نطالب بتفعيل لجان الرقابة والتحقيق في تعليمنا العالي للوقوف على حال الجامعات السعودية، وحال الأعضاء بجميع الفئات، سواء المواطنين، أو المتعاقدين، والنظر في أمور البدلات والمكافآت وغيرها من المستحقات المسكوت عنها إلى أجل غير مسمى! هو نداء تسبقه أمنية بألا تكون جامعاتنا طريقاً لإنجاح بعض على حساب فشلنا وفشل تعليمنا العالي في الوقت الذي تتسابق فيه أكثر الجامعات العالمية للحصول على أعلى التصنيفات التي تقدم، ومن بينها وبكل تأكيد أكثر جامعاتنا السعودية. * معيدة - إدارة مشاريع ومؤسسات أسرية